بتحديد كوشنير وافصاح تل ابيب عن الخطة التنفيذية التي تريد تنفيذها خلال مدة لا تتجاوز اربع سنوات، تكون حكومة تل ابيب قد انطلقت من طور الرؤية الاستراتيجية الى منزلة تطبيق الخطة التنفيذية، والمحدد بمدة زمنية معلومة وماهية عمل معلنة وواضحة في المرامي والاهداف واليات عمل تقوم على نظم امنية وسياسات منهجية، يعني صار اللعب ع المكشوف، حيث تبدا هذه الخطة بإنهاء مكانة/ حياة الرئيس الفلسطيني ابو مازن بطريقة او باخرى كما تدعي، وتقوم بتقسيم الضفة الغربية الى محافظات محلية لكل منها ادارة ذاتية يقوم بتصريف شؤونها فريق امني موجه بالرموت كنترول معتمد من تل ابيب، الامر الذي يعنيه تقسيم الضفة الغربية الى 24 مجلسا للحكم المحلي على ان يكون ذلك مغطى بطبقة هلامية تقوم بفصل الديموغرافيا الفلسطينية عن الدولة الاسرائيلية، حتى لا يتاثر المجتمع الاسرائيلي (اليهودي ) بواقع الحالة الديموغرافية الفلسطينية السائدة .
بحيث تبقى مجتمعات في المنطقة تعيش اجواء اما تحت الانتداب الاقليمي التركي او الايراني او ان تقبع ضمن مناخات الصوملة السياسية المنسية او الحروب الاهلية الى ان يتم تقسيمها الى ذات المقياس وبذات الطريقة التي تم تقسيم الضفة الغربية عليها مع حفظ ميزان القياس لضمانة حسن الفارق المحلي او الاثني او المذهبي، وهذا ما يذكرنا بنهايات الأندلس وحكايات حكامها الذين استجاروا بالفرنجة لحمايتهم حينها، فسقطوا وأسقطوا إرثها .
اذن المسالة ليست مسالة تجميد عملية الضم لاربع سنوات، بل ان مسالة الاربع سنوات هذه، التي تحدث عنها كوشنير في خطته تتحدث عن كيفية انتهاء مرحلة المخاض السياسي وولادة الجنين الجديد للشرق الاوسط، وبما يقدم صورة جديدة وعناوين جديدة لأنظمة بهذه المنطقة، وذلك بجغرافيا سياسية جديدة، ونماذج جديدة للحكم تقوم على الحكم المحلي ونموذج الفدراليات المعزولة، فيما تكون السيادة فيها للمنظومة الاقليمية برئاسة عربية وبقيادة اسرائيلية، على ان يتم تقليص صلاحية الانظمة التقليدية ان بقيت الى اقل قدر ممكن، ما بقي منها دون تقسيم في اطار الشراكة الاقليمية .
وعند اعلان تل ابيب عن خطتها التوسعية الناعمة ذات المدخل الاقتصادي، سيبدا العد التنازلي لاسدال الستارة عن مرحلة والدخول ضمن مناخات (التهديد والترغيب) في اخرى والتي ينتظر ان تنتهي فترتها الاولى في غضون اربع سنوات حيث سيتم تفكيك اولا مؤسسات السلطة الفلسطينية الامنية والمدنية، وتبدا من بعدها مراسم تعميد ما اتفق على تعميده وترسيم ما تم تصميمه، وتنفيذ ما اتفق عليه من جمل تقوم على العقدة الامنية والشراكة السياسية والعسكرية .
وبهذا تكون تل ابيب قد حددت خطتها واوضحت توجهاتها للمنطقة وانظمتها، فهل ستقوم مجتمعات المنطقة بالتعاون مع هذه الخطة والمساعدة بتنفيذ مراميها ام سيكون لديهم خيارات اخرى؟ وما هي هذه الخيارات ان وجدت؟ وهو السؤال الذي سيبقى برسم الاجابة الى حين البدء بالتنفيذ.
الدستور