أيام تفصلنا عن بدء موسمٍ أردنيٍ لطالما كان من أعز المواسم على قلوبنا كافة، وهو الأقرب خيراً وعطاءً لأصحاب الأيادي البيضاء "معلمينا"؛ فبداية العام الدراسي وخطوات أبنائنا على وقع الدروب إلى مدارسهم هي دوماً الوعد المتحقق.

اسثتنائية هذا العام الدراسي، المتزامنة والوباء الذي أثقل كاهل الجميع، هي "ظرف" صعب، ولكن، متى كان الأردن لا يمر بظرفٍ صعبٍ وقد حمل كل جيل فيه همومه، ودفع كل جيلٍ من عرقه وكده في سبيل أنّ يبقى هذا الوطن عزيزاً.

الأردن، الذي عبر أزمات كبيرة، وتجاوز النوازل مهما تعاظمت، صان العمران البشري والحجري معلموه، بما بذلوا لأجل كل جيلٍ، فهم عماد مجالسنا، وحديث ذكرياتنا كلما جمعتنا مع الأصدقاء جلسه، وفي كل حينٍ استذكرنا كيف كانت بداياتنا، وهم حراس الأحلام الذين عبروا بأجيالٍ من الأردنيين إلى حيث تحققت طموحاتهم فأدركوا كيف يتجاوزا خيباتهم.

فالمعلم الأردني، في شخصيته وسيرته وأسلوبه ومقدرته على بناء الإنسان لطالما مثل رمزية ألهمت وعلمت أجيالاً في بلادنا والبلاد المجاورة، فهو المفردة التي لم تتغير في وجداننا، فمن منا لا يتذكر كيف تعلم بدايات التعبير والحساب وهو يقف على أدراج حلمه بأن يكون .. فيأخذه إلى ذلك "معلميه".

ندرك أن الظرف الصعب، ولكنا على يقينٍ بأنّ معلمينا قادرون على تجاوزه بعد ما شاب التجربة من بعض "غصة" إثر تسويف بعض ممن أداروا دفة "النقابة" ومحاولتهم جرّ المشهد إلى استقطاب لا يمكن أنّ يعبر عن قيمية الأردن وإنسانه القائمة على الحوار والرضا، فهذه الثنائية هي مبدأ أردني منذ تأسست هذه البلاد.

ولكن الأردن دوماً يتجاوز هذه الظروف ويتركها لمؤسسية قادرة على استيعابها والتعامل معها بمنطق القانون، فالأردن دولة عميقة بإنسانيتها وبمؤسسيتها، ولطالما كان الأردن مع كل فئة وجماعة مهنية تعطي الوطن حقه وتأخذ حقها على طاولة الحوار، وبعيداً عن كل "أدلجة" أو "شخصنة" أو محاولة سوق سيرةٍ على حساب أبنائنا وطلبتنا وهم مستقبل الوطن وحاجته.

اليوم، نتطلع إلى بدايات عامٍ دراسيٍ نبدأ فيها كما في كل مرة من جديد، هو كمواسم حصادنا الأولى، بقمحها ومقدرتها على إدهاشنا في كل مرة بكريم عطاء الكريم، على أيدي من صاغوا في قرانا ومدننا الإنسان ومقدرته على التعلّم, والوفاء للوطن وقيادته ومبادئه التي لم تتبدل.

نؤمن أنّ هذا الوطن كبير بكل شيءٍ، وأنّ من أعزّ ما فيه معلموه، حمى الله وطننا الهاشمي، ومدارسنا العامرة بالخير فهي كرومنا وبساتيننا، والندى المأمول، فالأردن قادر وعزيز بكل مخلص.