انتهاء ما يسمى صفقة القرن
د.عاطف محمد الشياب
18-08-2020 02:41 AM
منذ عدة سنوات يطالب جلالة الملك عبد الله الثاني بمبدأ حل الدولتين القاضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وكذلك إقامة دولة إسرائيلية مستقلة على يعرف بالأراضي المحتلة عام1948 وذلك انسجاما مع قرارات الأمم المتحدة وقد قوبل مبدأ حل الدولتين برفض من داخل إسرائيل وخاصة اليمين المتطرف كما رفضوا الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وانشاء دولة مستقلة.
ومنذ عشرات السنين جرت عدة محاولات ومبادرات لحل القضية الفلسطينية نذكر منها اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل واتفاق وادي عربة بين الأردن وإسرائيل واتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين وباءت معظم هذه المحاولات بالفشل وخيبة الامل بسبب التعنت الإسرائيلي وعدم اعترافها بحقوق الشعب الفلسطيني وكان اخر ها خطة ترامب للسلام او ما يعرف بصفقة القرن وهي خطة سلام تهدف إلى حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، أعدها رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب وتشمل الخطة إنشاء صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصادا الفلسطينيين والدول العربية المجاورة، وقد أبدى الفلسطينيون رفضهم القاطع لبنود وحيثيات صفقة القرن، كما رفضها الأردن جملة وتفصيلا لأنها تهدف الى حل القضية الفلسطينية على حساب الأردنيين والفلسطينيين.
وكانت اخر مبادرة مبادرة لحل القضية الفلسطينية هي مبادرة الشيخ محمد بن زايد ال نهيات ولي عهد ابوظبي والتي أعلنها يوم الخميس الموافق 13 أغسطس (اب) 2020 من هذا الشهر والقاضية بالتوصل الى اتفاق بوقف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية وانهاء التوتر في المنطقة وقد وافقت إسرائيل على وقف ضم الأراضي الفلسطينية واتخاذ خطوات من شانها احلال السلام في الشرق الأوسط والتوصل الى حل عادل وشامل للفلسطينيين وإنها النزعات والتوتر الحاصل في الدول العربية والمنطقة برمتها.
وقد تعددت الآراء حول طبيعة هذه الاتفاقية فمنهم من ايدها ومنهم من عارضها كل حسب انتمائه وحسب المحور الذي ينتمي اليه. وبعضهم من قال ان هذه الاتفاقية جاءت نتيجة وجود ازمه داخلية إسرائيلية وجاءت في هذا الوقت لدعم حملة ترامب الانتخابية الامريكية. ورغم اختلاف الآراء حول هذه الاتفاقية الا انه وبشكل عام هناك اجماع عربي واقليمي ودولي حول فحوى هذه الاتفاقية.
ولكنني أقول هنا اننا مع هذه الاتفاقية إذا صدقت نوايا تل ابيب وأوقفت الإجراءات غير الشرعية وأظهرت جهدا حقيقيا في الوصول الى سلام عادل وشامل.
اننا مع هذه الاتفاقية إذا عملت على حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي واحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط من خلال العودة للمفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ووقف انفجار قنبلة ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية ووقف عملية ضم غور الأردن وإجراءات تغيير ديمغرافية فلسطين.
اننا مع هذه الاتفاقية إذا فتحت صفحة جديدة من التعاون بين العرب والإسرائيليين لإحداث تقدم وازدهار في جميع المجالات: السياحية والاقتصادية والتجارية والمشاريع الاستثمارية مما يحقق الازدهار والتقدم لجميع شعوب المنطقة.
اننا مع هذه الاتفاقية إذا نادت بمبدأ حل الدولتين وبما يتفق مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي وإمكانية تنفيذ حل الدولتين والقضاء على فكرة ما يسمى بصفقة القرن مع العلم ان العرب قد سعوا مرارا وتكرارا الى المطالبة بمبدأ حل الدولتين ومنذ زمن بعيد ومن خلال مبادرات الجامعة العربية والأمم المتحدة ولم ينجح شيء من هذه المبادرات.
اننا مع هذه الاتفاقية إذا أوقفت تنفيذ الأجندة الإقليمية ووضع حد للأطماع الإيرانية والتركية والروسية في المنطقة العربية والإقليمية ووضع حد للتوتر في الجنوب التركي والتمدد الطائفي الإيراني ووقف الحروب العربية والإقليمية في اليمن وليبيا وسوريا والعراق ولبنان والسودان ودول المغرب العربي ووقف التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.
اننا مع هذه الاتفاقية إذا أوقفت اسرائيل بناء المستعمرات في الأراضي الفلسطينية وتهويد مدينة القدس وعدم المساس بالمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.
وأخيرا أقول ان على القادة العرب استغلال واستثمار هذه المبادرة الامارتية والاستفادة من الاجماع الدولي غير المسبوق ووضع هذه المطالب والخطط امام هذا الاجماع والذهاب الى حل الدولتين وان نجاح هذه المبادرة يعتمد على التزام اسرائيل والعرب وامريكيا والمجتمع الدولي بمخرجات هذه المبادرة وإظهار الإسرائيليين للعالم مدى مصداقيتهم في تنفيذ بنود هذه الاتفاق وعكس ذلك فان المنطقة بانتظار مزيد من التصعيد والتوتر والتطرف والتدهور السياسي والاقتصادي والديني وستزداد الصراعات الطائفية والحروب وسينمو الإرهاب بشكل حتمي .