اعتدنا دائما كشعوب في عالمنا العربي المتهالك على خلط الأوراق عندما تحصل الأزمات أو تطرأ المشكلات في فترة زمنية قصيرة، وإن فشلنا في خلط الأوراق واستنتاج التحليلات التي تعجبنا نحيل القضية مباشرة الى محكمة المؤامرة التي تُغلقْ القضايا فيها غالبا ضد مَجهول.
دمج الأحداث والمجريات التي تحدث ليس دائما تحليلا صحيحا للأحداث وتفسيرا منطقيا للمسائل التي نواجهها، فأحيانا تعمل الصدف البحتة على عرقلة مسار تفكيرنا ولكن عندما نتعمّق بالتفكير نجد أن الروابط بين الأحداث غير منطقية ومعدومة وعندها يجب أن نعلم يقينا أن الحلول للقضايا المختلفة لا تُجمع أبدا، ولكن من يمتهنون التضخيم والتهويل هم وحدهم من يتبنّون مبدأ خلط الأوراق كمهرب دائم لهم و كمؤجج للشارع البسيط .
الامثلة على هذا النهج كثيرة ومتعددة، وآخرها الادّعاء بأنّ إصابات كورونا التي تعلن عنها الحكومة يوميا ما هي إلّا مسرحية أخرجتها الحكومة لكي تقمع بها المظاهرات الداعمة للمعلمين، وكأنّ الحكومة عاجزة عن وقف المظاهرات إلّا بربطها بوباء كورونا، هذا عدا عن ربط وباء كورونا بحد ذاته بقضايا أخرى كصفقة القرن على سبيل المثال.
ومن الامثلة المؤسفة على خلط الاوراق والتي حصلت مؤخرا هي مهاجمة أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين وكأنّها السبب في ما يحصل من أزمة بين النقابة والحكومة، متناسيين الجهود الكبيرة التي حققتها هذه الاكاديمية بجهود كبيرة من الملكة رانيا شخصيا دعما للمعلم وسعيا منها لتحسين مهاراته وتطويرها،
لا شك أحيانا تحدث أزمات متعاقبة لا تفصل بينها فترات زمنية كبيرة وتكون بينها روابط كبيرة وهنا يستطيع أيّ شخص مهما كان فكرة محدودا أن يربط بينها ويصل بسهولة لأسباب واضحة، ولكن لا يصلح إستخدام هذا النهج في كل مكان وزمان.
لا يمكننا ابدأ الارتقاء بأنفسنا وبوطننا ما دمنا نرى بأنّ جميع الأحداث التي تحدث ما هي إلّا مؤامرة تستهدفنا، فنحن لسنا محور الكون كأشخاص، ومن الطبيعي أن نواجه المشكلات والعقبات في كل يوم، فإن تبنينا نظرية المؤامرة في كل مناحي الحياة لن نستطيع مطلقا إيجاد حلول؛ لأن نظرية المؤامرة لا تُعطي أسباب ونتائج ولا حتى مجرمين بل تسجلها دائما ضد مجهول، هذا ما يجب أن يعيه من يسعى دائما في كل أزمة تحصل إلى خلط الأوراق.