وزارة للسلامة العامة أولوية
م. وائل سامي السماعين
13-08-2020 05:54 PM
كنت قد كتبت في جريدة الرأي الغراء قبل سنتين مقالين غاية في الاهمية يتعلقان بموضوع السلامة العامة، واقترحت في احدهما اهمية ان يكون لدينا وزارة للسلامة العامة مثل بقية الدول المتقدمة التي يوجد فيها وزارة مختصة بشؤون السلامة العامة . فمع تطور الصناعات وتعقيداتها بكل ما فيها من استخدامات للتكنولوجيا الحديثة وموادها ومعداتها ، وما يصاحب تلك الاستخدامات من حوادث لا حصر لها ولاسباب عديدة، فقد اصبحت الحاجة ملحة لان يكون لدينا جهة اختصاص ومظلة تشريعية وتنظيمية ورقابية للسلامة العامة في الاردن.
فعلم السلامة العامة واكب التطور الصناعي والتكنولوجي، حتى اصبح له اختصاصات علمية وفرعية دقيقة، ومساقات تعليمية تدرس في الجامعات والمعاهد المختلفة، وصاحب ذلك تطوير في التشريعات الناظمة والرقابية والقانونية في الدول المتقدمة، للحد من الحوادث للمحافظة على حياة الانسان وتوفيرا للوقت والمال المهدور من جراء تلك الحوادث.
فقطاع الانشاءات على سبيل المثال له قانون سلامة عامة خاص به، بحيث لا يمكن لاي شركة تعمل في هذا المجال مخالفته والافلات من العواقب القانونية المترتبة على تلك المخالفات . فجوهر قانون السلامة العامة هو المحافظة على السلامة العامة للمجتمع ككل وحياة الانسان خاصة , وانزال العقوبة في المخالفين , وتعويض المتضررين ماديا ومعنويا.
واذا ما اخذنا بعين الاعتبار كثرة الحوادث في الاردن ، والتي تتكرر في كل عام وبنفس السيناريوهات، فذلك يؤكد ضرورة ان يكون هناك مظلة واحدة متخصصة تعني بشؤون السلامة العامة من حيث التشريعات وتطبيقها وتنظيمها على الاراضي الاردنية.
فحوادث الغرق والحوادث المرورية التي تفوق العشرة الالاف حادث سنويا، والتسمم الغذائي الذي اصبح ظاهرة، والاختناقات الناجمة عن تسرب الغاز، وحرائق المنازل، والتلوث البيئي، وحوادث الدهس، والصعقات الكهربائية، والسقوط في المباني قيد الانشاء، وحوادث المصاعد، وحوادث الغرق في المسابح او القنوات المائية او الاودية مثل فاجعة زرقاء وادي ماعين وغيرها الكثير، فهذه كلها تكاد تكون شبه يومية وتتكرر عشرات المرات في كل موسم، ويروح ضحيتها عشرات الالاف من القتلي والجرحى سنويا، ناهيك عن الذين يفقدون احد اعضاء اجسادهم ويصبحوا عالة على عائلاتهم او المجتمع، فالتعويضات تكاد لا تكفي قوت يومهم.
انه من دواعي الاسف ان يكون الانفجار المروع في مرفأ بيروت نتيجة تخزين مواد قابلة للانفجار كما ذكرت التقارير الصحفية الاولية، والتي راح ضحيته ما يزيد عن مئة وثلاثين قتيل وخمسة الاف جريح، وتدمير هائل للمباني المحيطة، واسفر عن تشريد ما لايقل عن 300 الف شخص من سكان بيروت، وكذلك حادثة التسمم الاخيرة في عين الباشا، متزامنة مع اعادة تذكيري باهمية وضرورة وجود وزارة للسلامة العامة في الاردن، ليكون لها الدور المحوري في سلامة المجتمع الاردني. فهل من مجيب ؟