اللواء المدرع 2007 ووزارة التربية
ابراهيم حامد المبيضين
06-06-2007 03:00 AM
(( إجراءات أمنية غير مسبوقة استعدادا لامتحانات "التوجيهي" و450 جهازا لكشف "الغش" و"حراسات" مشددة على القاعات ))سوف أنحاز إلى اعتبار هذا "العنوان" الذي نشرته صحيفة "العرب اليوم" واختارته "عمون" على صدر صفحتها الأولى ، واحدا من أطرف وأذكى عناوين الأخبار المحلية. وقد أتوقع في السنة المقبلة استدراكا على عنوان مماثل يحكي عن استخدام عدد من الدبابات والمدرعات المجنزرة ونصف المجنزرة التي قال عنها توفيق النمري يوما أن " مدفعها عياره كبير " .. ولكن النمري أضاف حينها : " عالظالم لما تغير " ولم يقل عالطالب لما تغير .. !!
هل تحتاج الامتحانات التوجيهية .. وركزوا من فضلكم على كلمة توجيهية، إلى كل هذا الأسطول المدجج، وكل هذه القوة الضاربة ؟! وإذا كانت الامتحانات الثانوية التوجيهية تحتاج إلى كل هذا الحشد من القوات والقوات المساندة والدعم اللوجستي العارم ، فهل سنتوقع الاستعانة بالقوات المتحالفة ولواء الصاعقة والقوات الخاصة في امتحانات الجامعات ؟! أم ترى ستلجأ الحكومة إلى اقتراح إنشاء لواء امن خاص مهمته المحافظة على سير الامتحانات وتأمين سلامة الأسئلة من الاختلاس على أيدي المدراء والمربين الأفاضل ..؟!
الطريف في المسألة أن "الغش " الحقيقي في مثل هذه الحالات، لا يتم في قاعات الامتحان، بل في أماكن أخرى. والذين "يغشون" في الواقع ليسوا هم الطلبة ، بل غيرهم من فئة بيك وعطوفة وربما باشا ـ مع الاعتذار للباشا سمير الحياري ـ .. وكل هذه التجهيزات والحشود المدججة سوف لن تنجح في منع مدير يشار إليه بالبنان ويسبق اسمه لقب عطوفة وربما دكتور أيضا من البحث عن حبة حمص في هذا المولد الذي ثبت انه يصلح مكانا للارتزاق ومصدرا لبناء الفلل وشراء السيارات الفارهة ..
وإذا كنا نعلم الطالب على مدى 12 سنة قيم الصدق والأمانة والشرف والوطنية ، فإنها نكتة لاذعة جدا وحارقة للغاية أن نحيطه في امتحانات التوجيهية بهذا الحشد من الأجهزة والمعدات والعربات المجنزرة التي تقول له بصريح العبارة : أنت حرامي .. وكل هذه التكنولوجيا وهؤلاء الرجال الأشداء للإيقاع بك متلبسا يا إبن الستة وستين.. !! هل هذا ما تريد أن تقوله وزارة "التربية" للذين ظلت تخاطبهم على مدى 12 سنة بأنهم : " أبناءها الأعزاء، وطليعة الحاضر الزاهر للبلاد، وصناع المستقبل "؟!
يقول المثل الصيني: أن كثرة المستشفيات في بلد هو اكبر دليل على تدني مستواه الصحي. وينسحب على هذه القاعدة كثرة عدد السجون في بلد ما، وأنها دليل على تدني مستواه الأمني.. ومن دائرة هذا الخبر وعنوانه الطريف حد البكاء والغريب حد الدهشة ، يمكن توقع المحصول التربوي الذي تعول الوزارة على انجازه ، والمستوى القيمي الذي تركن الوزارة إلى توافره بين أبنائها الأعزاء ، طليعة الحاضر الزاهر ، وصناع المستقبل المشرق ..
وآخر استدراك يمكن أن أصل إليه في هذه اللحظة ، أن نقرأ بعد سنتين أو ثلاثة ، أن أبناء المليونيرات والزناغيل ، قد استورد لهم آباؤهم أجهزة لتعطيل أجهزة كشف الغش في الامتحانات .. وان أبناء الباشاوات يذهبون إلى قاعات الامتحانات بصحبة "بودي غارد " .. فيما تحيط كتائب اللواء المدرع 2007 بالمدارس وقاعات الامتحان ويمنع التجول في المملكة اعتبارا من بدء الامتحانات وحتى ما بعد ظهور النتائج..
وتحية للواء الركن الدكتور خالد طوقان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب ومستشار إعلامي / البحرين
Kateb99@gmail.com