البصيرة نحو الأثر، الرحلة نحو الدليل
13-08-2020 01:36 PM
لاشك أن الكتابة في مشروع الفنان المصور الفوتغرافي والرحالة الأردني عبدالرحيم عرجان تحمل في طياتها الكثير من التنوع الخصب والزاخر بشتى الأبعاد التي تكشف عن خبايا غنية بالإنجازات الاستثنائية التي حققها عرجان خلال مسيرة فنية شاقة البدايات، ولكنا ثرية بما تحقق، ويتحقق الآن بخطاً قادرة ومتبصرة.
فالفنان المصور الفوتغرافي عبدالرحيم عرجان اقتفى أثر الجمال، وتتبع بمشقة المغامر خيوط التاريخ الوثير لبلاده، طبيعتها، تضاريسها، جبالها، سهولها، كهوفها، مدافنها التاريخية، كرحالة يحمل شغف الكشف، والتوثيق مصوراً، باحثاً عن مواضع الحضارة، والغنى التاريخي، مستلهماً شغفه البحثي من سقوف وشقوق الصخر الوردي لبتراء أبهرت عيون علماء التاريخ، وخطى ترحاله بين جبال في مسالك البلاد، وفي ارجاء بلاد عدة خاض فيها عرجان مغامرة المعرفة، والتجربة الحسية النوعية ليتوج هذا الجهد المثابر بافتتاح جاليري ( قدرات) في العاصمة عمان حاضنةً دافئة للإبداع والمبدعات والمبدعين الأردنيين والعرب والعالميين في الفنون البصرية المختلفة.
جاليري قدرات من المحطات الفنية المهمة في عمان، وربما يمتلك من الفرادة ما يجعله من الجاليرات الاستثنائية المتميزة في المنطقة العربية
إذ يعتبر الجاليري مساحة رحبة للتنوع الثقافي والفني حيث لا يقتصر وجوده استضافة المعارض الفنية فقط، وإنما تتعدى رسالته لأبعد من ذلك.
تأسس جاليري (قدرات) الحديث نسبياً بشراكة أردنية كندية مما يجعله مساحةً فنية للتعدد و جسراً لتبادل الثقافات والخبرات الفنية في المنطقة العربية والقارات الخمس، ويعمد مؤسسه عبدالرحيم عرجان لأن يكون الجاليري حاضنة حقيقية لتمكين الفئات المختلفة من المبدعين مسلطاً أضواء فضائه اللوني على الإبداعات الشابة، من حيث التمكين والدعم والتبني، بإشاركهم في ورشات تدريب، واكسابهم خبرات متميزة مع فنانيين عالميين من خلال استضافات يقوم بها الجاليري، إضافة لتشغيل الفئات الشابة، ودعم المواهب، وعقد الندوات والمحاضرات المتنوعة في الفنون.
يؤمن عبدالرحيم عرجان، ويعمل لأجل الإستثمار الحقيقي في الفنون، وله إسهامات عدة ومداخلات قيمة في مفهوم ( الاستثمار في الثقافة)، و(صناعات الإبداع)، ويعمل بكل دأب وانتماء بتكريس طاقته وامكانيات فضاءه الفني لتجذير هذا البعد التنموي وبتوظيف التكنولوجيا والإدارة المتقدمة، ودمجه بالإقتصاد الوطني.
حيث استضاف جاليري (قدرات) عدد من الفنانات والفنانين العرب برعاية جامعات أردنية، كما شارك الجاليري في معارض خارج الأردن مسوقاً للفن التشكيلي الأردني، بعيداً عن معيقات يرى عرجان أنها تأخر تقدم صناعات الإبداع الأردنية نحو مصاف العالمية ومنها المحسوبية والشللية في تسويق المبدعات والمبدعين الأردنيين.
ويرى عرجان أهمية معايير الفن الحقيقي المبتعد عن الرداءة والتي ترفع قيمة المنتج الفني، وتساهم بشكل فعلي في نشر الفن الأردني وتسويق انتاجه عربياً وعالمياً.
يبقى أن نذكر البعد التوثيقي في مشروع عبد الرحيم عرجان وهو سعيه للحفاظ ونشر الوعي بثروة سياحية وطنية أردنية، وهي ما يعرف عالميا ب( الدولمنز) وتعني المدافن التاريخية على مدار الحضارات البشرية، والتي تعد الأثر المتبقي لحضارة الإنسان على هذه الأرض، فالأردن من البلاد العالمية التي تزخر بآثار (الدولمنز) ، وهناك العديد من الحواضن لها قد اختفت بفعل الإهمال تارة والتعدي عليها من قبل المواطنيين تارة أخرى، حيث عمل عرجان خلال 9 سنوات بمهارة واقتدار على البحث والتوثيق وتحريض عدة جهات حكومية أو متخصصة واستنهض همة الإعلام الأردني على حماية وحفظ تلك الأثار التي تعتبر برأي عرجان كنزاً وطنياً خالصاً.
بدورنا ومن خلال الجولات الأسبوعية التي يقوم بها فريق الدائرة الثقافية لمعاقل الفنون، ومساحات الموسيقى والأدب والمسرح نشيد بدور الفنان عبدالرحيم عرجان، ونستمر قدماََ في تسليط الضوء، والوقوف بكل امكانياتنا وطاقاتنا مع مبدعات ومبدعي الوطن في زيارات ميدانية لهن ولهم في فضاءاتهم الخاصة.