الجرائم الاسرية .. نريد اجوبة شافية
فهد الخيطان
03-03-2010 04:19 AM
* استقصاء الجوانب المحيطة بالواقعة وعرضها للرأي العام يساعد في الحد منها
نشعر بالصدمة لساعات, ونتداول الخبر عدة ايام نحاول ان نجد تفسيرا لكننا نعجز عن فهم الدوافع والمبررات, فيظل السؤال مقلقا ومحيرا, كيف يقدم أب على قتل اطفاله وزوجته بهذه البساطة? ولماذا تطلق زوجة النار على رفيق العمر, وما الذي يدفع امرأة لتعذيب طفلة صغيرة حتى الموت?
جرائم بشعة من هذا النوع تنامت في الآونة الاخيرة, لكن التعامل معها لاستخلاص العبر ظل دون المستوى.
فوسائل الاعلام تنشغل بالقصة ليوم او يومين ثم سرعان ما يطوى الملف, وتذهب المأساة الى أيدي المحققين وتتحول الى محضر يوثق الواقعة الجرمية ويوجه التهم ثم يحيلها الى القضاء, وبعد صدور الحكم تتوفر من وقائع الدعوى بعض المعلومات لكنها تبقى قليلة ولا تقدم الجواب الشافي على الأسئلة الأساسية.
نحن في حاجة ماسة لمراجعة اسلوب التعاطي مع هذا النوع من الجرائم, واعني الجهات الرسمية ووسائل الاعلام والمراكز المعنية بقضايا الاسرة والمجتمع.
جميع هذه الاطراف عليهم ان يتعاونوا من دون تحفظ او كتمان ويسعوا الى كشف كل التفاصيل المحيطة بالجريمة للرأي العام من دون التعرض لأسماء الافراد والعائلات فما يهمنا معرفته هو الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأسرة المكلومة, وسيرة القاتل المهنية والاجتماعية وعلاقته بافراد اسرته والمحيطين من الاقارب والاصدقاء, ليتسنى للمختصين تشخيص الحالة وتحديد الدوافع التي ادت الى ارتكاب الجريمة. العامل النفسي ليس دائما السبب في هذا الجنون فمعظم من احيلوا الى القضاء في جرائم اسرية ثبت انهم لا يعانون من امراض نفسية وانهم بكامل قدراتهم العقلية ومن يتذرع بهذا السبب يسعى في الغالب للحصول على حكم مخفف.
في غياب المعلومات الدقيقة والدراسات الاستقصائية لمثل هذه الجرائم يكون الضحايا واقرباؤهم عرضة للاشاعات والروايات المغلوطة وينجر بعض وسائل الاعلام احيانا الى تداولها فيما يجتهد آخرون في التحليل والتكهن من دون الاستناد الى معلومات ويصل الأمر احيانا الى حد التشهير والافتراء.
قطع الطريق على ذلك كله يتأتى من خلال تعاون منظم بين الجهات الرسمية والصحافة بالدرجة الاولى منظم بين الجهات الرسمية والصحافة بالدرجة الاولى والدائرة الاجتماعية المحيطة بالمجرم بحيث يعمل كل طرف على تسهيل مهمة الآخر لتتسنى الاحاطة بالمعلومات الصحيحة المتعلقة بالحادثة وعرضها للرأي العام باسلوب لائق يراعي الاعتبارات كافة ويمكن الناس العاديين من تفحص السلوكيات والتصرفات التي تؤدي بصاحبها الى فقدان توازنه وعقله وارتكاب الجريمة لعلنا في ذلك نساعد في تفادي وقوع جرائم مماثلة في المستقبل وندعم الاشخاص من اصحاب المزاج العصبي لتقويم سلوكهم ومراجعة اسلوبهم في ادارة شؤونهم الاسرية وعلاقاتهم الاجتماعية.
كما ان هذا النوع من المراجعات يساعدنا في فهم العلاقة بين الظروف الاقتصادية والجرائم الاسرية ومكامن الخلل في المنظومة السلوكية.
ان الانطباعات السائدة عن اسباب الجرائم الاسرية خاطئة في معظمها, فقد اظهرت الوقائع ان التدين على سبيل المثال لا يشكل ضمانة مطلقة لعدم ارتكاب جريمة اسرية. فقد تبين ان العديد ممن ارتكبوا جرائم في العامين الماضيين هم متدينون ويؤدون الصلاة بانتظام كما تبين ايضا ان الجرائم الاسرية لا تقتصر على العائلات الفقيرة وانما تطال الاغنياء كذلك.
الأسئلة كثيرة وستبقى معلقة بلا اجابة الى ان نقرر تغيير اسلوبنا في التعامل مع الجرائم الاسرية.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net
العرب اليوم