الملكة ورسالتها التعليمية
د. حازم قشوع
12-08-2020 11:36 AM
اذا كانت الملكة رانيا العبدالله قد نجحت فى تنفيذ رؤية جلالة الملك في إصلاح التعليم من خلال استراتيجية عمل تقوم على الارتقاء بالمدرسة باعتبارها البيئة التعليمية عبر مبادرة مدرستي وإنشائها لأكاديمية الملكة رانيا العبدالله لتطوير أداء المعلم ، فان الأمل ما زال يحذونا لتقوم جلالة الملكة بالمبادرة من اجل الطالب حتى يكتمل المثلث البنائي الذي تقوم عليه استراتيجية التعليم الرابطة بين المدرسة والمعلم والطالب ، فى ظل أجواء كورونا التي تستدعي إيجاد نماذج جديدة للتعلم تستجيب لاحتياجات الطالب في التعلم عن بعد او التعليم الذى يمزج الوجاهي بشبكة التواصل المعرفي.
فان النجاحات التي حققتها جلالة الملكة فى ركن البيئة المدرسية وركن تطوير قدرات المعلم شكلت احد اهم العلامات الفارقة التى تحظى بعناية دولية خاصة ودعم دولي مستحق هو ما أدى الى تميز المسار التعليمي وتسارع خطواته عندما أخذ يبلور صورة تعليمية معرفية جديدة تبشر بإطلاقه جديدة للنهج التعليمي والتعلم المعرفي، بعد تخلى المسارات التعليمية العالمية ومناهجها عن الحالة النمطية التقليدية التي كانت سائدة والتي كانت تقوم على المناهج التلقينية فقط، دون الوقوف عند العلم المعرفي الجديد الذي يقوم على الاستقصاء البياني والبحث العلمي وتطوير مناهج الارسال الحديثة من على ارضية تعليمية تحاكي المناهج العالمية ووسائلها .
صحيح ان رؤية جلالة الملك في الإصلاح التعليمي كانت رؤية مستنيرة واعدة لكن ما هو صحيح ايضا ان جلالة الملكة قدمت خطة تنفيذية مميزة حققت خطوات متسارعة فاقت كل التوقعات تجاه تحقيق الأهداف والتي كانت بحاجة الى وقت اكبر لتحقق مناخات الاستجابة المطلوبة فى البيئة التعليمية ،حيث عملت جلالة الملكة على الدخول فى سباق مع الزمن من أجل تنفيذ الخطة التنفيذية اللازمة لتجسيد الاستراتيجية التعليمية في اقصر وقت ممكن ، وذلك للاستجابة لمقتضيات التعيينات الجديدة واشتراطاتها في دول الخليج كسبا للوقت ، وهذا ما يسجل لها ولا يحسب عليها .
وكما ان المسألة الأخرى التي كانت قد تنبأت اليها جلالة الملكة ولم يكن البعض حتى يراها ، فلقد تمثلت في كيفية إيجاد العلاجات الضرورية للاشكلات التي كانت قد بينتها المسوحات الميدانية في سوق العمل والتى تمثلت فى مسألة توظيف الوقت والابتكار والتحفيز وقيادة فريق عمل والتواصل الموثق ، وهي جميعها مهارات كان لا بد من توفرها لردم الهوة بين ما يحتاج إليه السوق وما يتعلمه الطالب من معرفة، فان هنالك فرق كبير بين ما هو صحيح وما هو مفيد، وهذا ما عملت جلالة الملكة على استدراكه من خلال برنامج مدرستي واكاديمية تطوير قدرات المعلم ، ونأمل في المستقبل القريب ان نرى برنامج طموح آخر يحقق تطلعات الطالب باكتساب معرفة جديدة وبأسلوب حداثي اعتدنا عليه من جلالة الملكة وذلك لتحقيق ركيزة جديدة للنهج التعليمي ليحقق ما يصبوا إليه ويتوق ، فإن النجاحات التي تحققت كبيرة وعديدة ولقد آن الاوان لقطاف ثمارها .
واذا كانت شكلت جلالة الملكة رافعة حقيقية داعمة لمسار التعلم والتعليم ،فإنها حكما لا تقدم ذاتها بديله عن المؤسسات الدستورية او النقابية ، وان كانت متممة لها ومكملة لروافدها ، وتسهم بعطائها الموصول على تجسيد استراتيجيتها من اجل النهوض بمستقبل التعليم فى الاردن ، من اجل المعلم ومكانته، ومن اجل الطالب ومعرفته ، ومن المدرسة وبيئتها، التى يراد اليها ان تكون واعدة في خدمة الإنسان الأردني ودوره ومسيرته فى ظل جلالة الملك المعزز .