المتحدثون في العطاءات لديهم طروحاتهم وأدلتهم على شرعية الأوامر التغييرية، وفقا للقوانين والأنظمة.
والمتحدثون ايضا يعرفون كيفية الالتفاف على الأوامر، سواء قبيل العطاء او بعد الاحالة.
سلامة الاجراءات والمنطق، يقول ان اغلبية المشاريع يجب ان تكون مدروسة بعناية، من جميع النواحي الفنية والمالية، وحتى الجدوى الاقتصادية، ولا يكون التغيير إلا في حالات نادرة، ومفأجاة غير متوقعة، وأي اجراء يثير الفضول قبل التساؤلات والشكوك.
الأنظمة تقول ان نسبة الأمر في التغيير يجب الا تتجاوز 25% من قيمة العطاء ولا تتجاوز القيمة المالية 250 الف دينار، وإن كان هناك ضرورة ملحة تتطلب غير ذلك لا تتم إلا بموافقة مجلس الوزراء.
لكن، ما الذي يجري، في عالم المقاولات والعطاءات - دون تعميم - هناك توافق مشروع على أدوار وأسعار بين المقاولين حسب قطاعات عملهم، بما يتناسب مع قدراتهم المالية والمادية والفنية وتصنيفهم، وهناك تشاور غير معلن للظفر بالعطاء، واحيانا يكون ضمن اشتراطات مستقبلية، هذا لي، والقادم لك، او لفلان، وهناك عطاءات ومقاولات فرعية، تؤدي في النهاية الى الانجاز وفق الشروط والمواصفات والجودة المطلوبة.
كل ذلك ضمن شرعية قانونية تخضع للرقابة، ولكن الأحاديث في فساد العطاءات لا يقتصر على حالة، والمكتشف منه يؤشر الى علاقة فساد وشبكة ممتدة من الإحالة الى الاستلام، وهذا يظهر للعيان في العديد من المنشآت، وتظهر احيانا رغم بساطتها معضلة للخدمات، فتعبيد الشوارع فوق اغطية المناهل، مأساة متكررة في الكثير من المناطق، وتصدع المباني يكشف فساد الأساسات، وسوء الاداء والفاعلية يكشف غش المواصفات والجودة.
العطاءات عالم لا ينحصر بالعمران والمشاريع الحكومية، فالشقق السكنية سرعان ما تتهالك للتلاعب بالمواصفات وغيرها الكثير.
والأهم، وبما أن العطاءات بهذا التعقيد، فالمطلوب لجان متخصصة ومتعددة، لمكافحة الفساد فيها، واكتشافه في كل مراحله، فلا يعقل ان نبقى نتحدث عن عطاءات بالتوسط والترضية، وإحالة أولية بملايين محدودة على أمل وتوافق ضمني بأوامر تغييرية باضعاف القيمة، بل تصل في بعضها الى 700 % كما أقر رئيس الوزراء.
ziadrab@yahoo.com
الرأي