قوة المرأة ليست في ضعفها، ولكن في تظاهرها بأنها ضعيفة وهي في الحقيقة ذات مخالب وأنياب .. هذه العبارة مجرد بيتين من قصيدة للشاعر الروسي بوشكين.. ولعله قالها بعد ان نشبت في قلبه أظافر امرأة قوية ونالت منه…

الدكتور (الفريد ديمرس) استاذ علم الاجتماع بولاية اوهايو قام باجراء دراسة ميدانية اشارت ان اساليب العنف تدرجت من قذف الشخص الآخر بأي شيء الى دفعه الى الامساك به وهزه بشدة، والي صفعه أو رفسه الى عضه ووصلت في بعض الاحيان الى حد التهديد بالسكين او المسدس، وذكر خبير علم الاجتماع ان الشائع هو ان الرجل هو الاكثر ميلا الي استخدام العنف والمرأة لا تلجأ اليه، لكن هذه الدراسة الأخيرة أكدت عكس ذلك، خاصة اذا غضبت المرأة فهذه الحالة تنسيها الرقة التى يفترض ان تتميز بها وتندفع في العنف بعد ان يعميها الغضب. وكانت الدراسة قد طلبت من الأشخاص (عينة البحث) ان يشيروا ايضا الى حالات العنف التي وقعت عليهم من الطرف الآخر فذكر 28 في المائة من الرجال و22 في المائة من النساء ان العنف وقع عليهم من الاصدقاء او شركاء الحياة في المستقبل. وقد اوضحت الدراسة ايضا ان الرجال والنساء يميلون الي استخدام العنف لكن الرجال لا يلجأون اليه الا حين تكون الاسباب قوية، وعادت الدراسة إلى تأكيد ان النساء لا يؤذين الرجال عند استخدامهن العنف ضدهم مثلما يؤذي الرجل المرأة. وكان رأي المرأة ان الأمر ليس خطيرا اذا تعرض الرجل لصفعة او عضة من امرأة تحبه حين تصل الى حد كبير من الغضب وتريد ان تحتاج الى نوع من التنفيس عن هذا الغضب.

قد لا تكون المرأة ذات قوى عقلية خارقة تمكنها من النجاح في الحياة لكنها تعوّض عن تلك القوي بحيلتها وقدرتها على تدبير شؤون اسرتها بما تقتضيه العوامل المحيطة بها وهي ترفض ان تسلم بأنها عاجزة عن مواجهة حقائق الحياة.

المنتحرون ستة أضعاف المنتحرات

يبلغ متوسط أعمار الجنس البشري، حسب ما اكدت التجارب العلمية والاحصائية على مدي قرن ودراسة اجرتها جامعة جورج تاون في واشنطن ان النساء اطول عمراً من الرجال وأن المرأة تعيش في المتوسط ما بين 4 ــ 6 سنوات زيادة عن الرجل.. وقالت الدراسة: لو نظرنا لعدد الارامل في الكرة الارضية لوجدنا ان 75 في المائة منهن من جنس النساء.. ونادرا او قليلا جدا ما نسمع عن رجل ارمل، ولكن كثيرا ما نسمع ونري نساء مترملات.

ويؤخذ من الاحصاءات الرسمية ان عدد الذين ينتحرون من الرجال يناهز ثلاثة اضعاف عدد اللواتي ينتحرن من النساء. اما الذين تزيد اعمارهم علي خمس واربعين سنة فان عدد المنتحرين بينهم من الرجال يكاد يوازي ستة أضعاف عدد المنتحرات من النساء. ويقول الذين يدافعون عن نظرية الانتحار ان زيادة عدد المنتحرين على عدد المنتحرات دليل على ان المرأة اشجع من الرجل واكثر قدرة علي مواجهة أخطار الحياة.

أكثر قدرة على التكيف مع المصاعب

علي ان الواقع لا يؤيد هذا الزعم والسبب الحقيقي هو انهماك النساء في شاغل الحياة ومقتضيات المعيشة وهن اقوي رجاء بالحياة واسرع رضي بنصيبهن. فالمرأة تدبر شؤون منزلها علي مقضي العوامل المحيطة بها وهي بطبيعتها معتادة علي معاناة مصاعب الحياة ومشقاتها ومتاعب الوضع والتربية والاهتمام بشؤون المنزل وتدبيره علي مقدار دخل زوجها، وهذا يعودها علي الصبر والاحتمال فهي تقابل المصاعب برباطة جأش وتحاول الاحتيال علي حلها بكل وسيلة.. وثبت ان نساء الاسكيمو هن اللواتي يقمن بجميع الاعمال. وان الرجال يقضون اوقات فراغهم في المنزل.

ولكن ما سر قوة المرأة؟

والجواب: ان قوتها تكمن في قدرتها الجسمانية علي التحمل ومواجهة الازمات والمواقف العاطفية والنفسية .. والكلام هنا للبروفيسور غراميا ستاملر طبيب القلب الامريكي.. وهو يضيف الي كلامه هذه الحقيقة التي تقول: ان الولايات المتحدة الامريكية تفقد من الرجال ضعف ما تفقده من النساء بين مَن تتراوح أعمارهم ما بين 25 ــ 44 عاما.

وفي الوقت نفسه يؤكد طبيب القلب الامريكي ان مرض الشريان التاجي المسؤول عن حالات الموت في كل من بلغت اعمارهم ما بين 25 سنة و44 سنة، هذا المرض يصيب خمسة او ستة من الرجال مقابل كل امرأة واحدة، وان 65 في المائة من نساء العالم يعمرن الي ما بعد الستين. وتؤكد الدراسات ان بصر المرأة أكثر حدة من بصر الرجال كما ان الحَوَل عند النساء أقل منه عند الرجال وأن 25 في المائة من الرجال يستعملون النظارات في سن الثلاثين و4 في المائة فقط من النساء يستعملنها في تلك السن.

جرت عادة النساء في العصور الحديثة ان يسموا الرجال الجنس الخشن والمرأة الجنس الضعيف . وهم يقولون ان الرجل اكثر ميلا الى الحرب والكفاح والخصام من المرأة فهو إذن احري بالوصف الذي قد خلع عليه، ولكن هل ينطبق هذا الوصف على الحقيقة؟

النساء، وليس الرجال، غيرن العالم

اعترفت الأديبة أمينة السعيد ذات يوم بقسوة المرأة عندما قالت:

(لقد وصفوا النساء بالجنس الضعيف ولازمهن هذا الوصف قرونا واجيالا... فطبعهن بطابعه وعشن في مدلوله... ولكن المرأة لم تكن في قرارة نفسها راضية عن حرمانها من قوة البدن والذراع فاصابها مركب النقص ودفعها الي التسلح بالقسوة المعنوية كمتنفس لرغبتها الدفينة في ممارسة القوة).

وقد ذكر في التاريخ ان الامبراطورة ثيودوره زوجة قسطنطين إمبراطور القسطنطينية آنذاك صمدت في مواقف لم يقو زوجها علي الثبات فيها وكان يؤثر الفرار منها ولكن نجاحها اثبت لها انها ادق ادراكا للحوادث واصدق حكما علي الرجال منه.

وثبت بما لا يدع مجالا للشك ان تأثير المرأة في تغيير العالم اكبر من تأثير الرجل فقد كانت جيرترود بيل، المرأة الانكليزية، الخبيرة في شؤون الشرق الاوسط، التي قامت برحلات عدة في هذه البقعة من العالم، وكتبت عنها كثيراً... خلال الحرب العالمية الاولي، ووضعت خبرتها في جغرافية الشرق ولغاته، والشخصيات البارزة فيه، في خدمة الحكومة البريطانية. حيث التحقت سنة 1915 بالمخابرات، ولعبت دورا بارزا في نشأة العراق الحديث.

وشغلت وظيفة ضابط ارتباط في المكتب العربي في العراق آنذاك.

وكان آندرو جونسون الرئيس الامريكي يجهل مبادئ القراءة والكتابة ولم يدخل مدرسة قط وتعهدت زوجته بتلقينه مبادئ الاملاء والقواعد.

ولا ننسي قول نابليون بونابرت: لقد كسبت اعظم الحروب وسجلت اعظم الانتصارات وهزمتني امرأة. ومن لا يعرف المرأة التي هزمت نابليون اقول له: انها زوجته جوزفين.

وبلغ من قسوة قلب الملكة كليوبترا ان الإماء اللواتي قتلتهن لتجربة فعل السموم تزيد عن بضع مئات وقالت الملكة سميراميس لقد خلقني الله امرأة، ولكن اعمالي فاقت أعمال اشجع الرجال.

ويستشهد عالم النفس الشهير ويلي كارنيجي على ذلك بقوله: لو انك وضعت امرأة واحدة داخل زنزانة بها عشرة من عتاة المجرمين لوجدت المرأة قد تحكمت في كل الرجال الذين أصبحوا في وداعة طفل صغير، اما اذا وضعت رجلا، فانه اما ان يصبح مجرما مثلهم او يطردوه الي عرض الطريق ، وقام احد العلماء الامريكيين ببحث واسع النطاق استغرق سنتين متواليتين جمع خلالهما احصاءً دقيقا عن الفي معركة شهدها بنفسه بين الاولاد والبنات الذين تختلف اعمارهم من سنتين الى اربع سنوات. وقد درس هذا العالم نفسية اولئك الصغار وخبر افراحهم واتراحهم واسباب ضحكهم وبكائهم، ووجه همه الي درس المسائل الثلاث التالية وهي:

1 ــ درجة ميل كل منهم، ذكورا وإناثا، الي المخاصمات.

2 ــ الأسباب التي تؤدي إلى المخاصمات.

3 ــ الاسلحة التي يستعملها كل من الفريقين.

البنات أكثر ميلا للخصام

وظهر من البحث الدقيق ان ميل الاولاد الي الخصام والكفاح يختلف باختلاف الافراد. ففي مدة السنتين اللتين استغرقها هذا البحث اشتبك احد الاولاد في مائة وإحدى وأربعين معركة واشترك آخر في سبع وثمانين معركة. وآخر في سبعين معركة. وكان عدد المعارك التي اشترك فيها الآخرون يختلف ويتدرج. واقلها سبع عشرة معركة قام بها اقلهم ميلا إلى الخصام.

ويؤكد البروفيسور جريجوري نيكوسيا عالم النفس البريطاني: ان النساء اكثر قدرة من الرجال علي تحمل اعباء هذا العالم المزدحم .

ولم يكن في المعارك التي وقعت بين الاولاد والبنات ما يدل على أن المعارك وقعت بسبب اختلاف الجنسين. ولا يمكن أن يستفاد منها ما يسوغ تسمية البنات بالجنس اللطيف والاولاد بالجنس الخشن. وقد اتضح من دروس تفاصيلها ان هناك فرقا بين الوسائل التي يستعملها الأولاد والوسائل التي تلجأ اليها البنات ولا سيما بعد السنة الثالثة فان البنات في هذه السن يصرخن ويصخبن اكثر من الاولاد.

ولما كانت البنات في تلك السن اقدر على الكلام من الأولاد وأشد امتلاكه لناصية اللغة فقد كان المنتظر ان يستعملن قوارص الكلم اكثر مما يستعمل الاولاد وان يخرجن ألسنتهن نكاية واحتقارا للاولاد الذين هم اقل منهن فصاحة، الا ان الإحصاءات التي جمعها العالم الذي نحن بصدده لا تدل على تفوق البنات على الاولاد في فن المهاترة عندما يشتد وطيس الخصام بين الفريقين.

وكثيرا ما يعود الولد من المدرسة وثيابه ممزقة ووجهه معفر وتحت عينيه آثار لكمة: فتلقاه امه بصيحة الذعر لانها تدرك في الحال ما وقع لابنها وتعلم ان الاولاد سيظلون ابد الدهر ميالين الي الكفاح والقتال، وان اشتباك الولد في المعركة مع غيره شر لا بد منه كالاصابة بمرض الحصبة.

فالاعتقاد السائد بين الناس هو ان الجنس الخشن ــ اي الاولاد ــ هو الجنس المغرم بالكفاح والخصام علي ان الدراسة لا تؤيد هذا الاعتقاد، فقد ثبت ان البنات اكثر ميلا الي التلاكم والتضارب، ولا يضعف فيهن هذا الميل الا عندما يبلغن سنا معينة.

ولكن ما دامت المرأة قوية وقادرة على التحمل فلماذا تبكي كثيرا؟

جواب علماء النفس: لأن دموع المرأة تغسل كل متاعبها وتزيدها قوة وتخرج من الأزمة أقوى مما كانت، وان المرأة اكثر احتمالا للحزن، من الرجل. وانها اصبر على الجوع من الرجل واسنانها اقل تعرضا للعطب من أسنان الرجل...

وقد اثبتت الدراسات التي أجريت عقب الحرب العالمية الثانية ان النساء تحملن قصف القنابل وهدم البيوت والتشرد وفقد الازواج والاولاد والاهل والعيش أياماً طويلة من دون طعام.. أكثر من الرجال بنسبة (7 الى 3).

الحاسة السادسة أكثر قوة عند المرأة

ويقول علماء النفس في تفسيرهم لسر قوة المرأة: ان للمرأة قدرة غريبة على معرفة ما لا يدركه الرجل بحواسه الخمس، على الرغم من ان المرأة لا تهتم بالاصغاء لأحاديث الآخرين، الا انها تستطيع ان تدرك حقيقة شعور الرجل ومقاصده.

والمرأة اقدر من معرفة حقيقة شعور زوجها او ما يبطنه او يخفيه.

وأظهرت دراسة قام بها عدد من الباحثين في جامعة بنسلفانيا الامريكية ان الرجل اكثر تعرضا من المرأة للاصابة بحالات الضمور العقلي والاكتئاب النفسي. وذكرت احدى المجلات الامريكية ان مستشفيات الأمراض العقلية تضم من الرجال اكبر مما تضمه من النساء. والمرأة أكثر تحملاً للعمليات الجراحية من الرجل.