تصدر نشرة الأخبار الرئيسة لإحدى المحطات التلفزيونية الأردنية خبر اتصالات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين بالرئيس اللبناني السيد ميشيل عون، معربا عن تضامنه مع لبنان إثر الانفجار الضخم الذي تعرض له ميناء بيروت، واعطائه الأمر بتوجيه مستشفى ميداني كامل، مزود بالأطقم والمستلزمات الطبية والدوائية إلى بيروت للمشاركة في إسعاف الجرحى والمصابين، وانتهت النشرة ذاتها بخبر عن افتقار أحد المراكز الصحية في قرية أردنية لبعض احتياجاته الرئيسة التي تؤهله لخدمة سكان القرية على أفضل وجه !
تساءل أحد المعلقين – وبسبب تعليقه علمت عن تلك النشرة – ما إذا جمع الخبرين في نشرة واحدة له علاقة بالمهنية العالية أو الهابطة، أم له مآرب أخرى ، وهو ما دفع قلة من المعلقين للتغريد خارج السرب، في غياب من يشرح قيم الدولة التي تتحد هوية شعبها – دون غيره – بهويته القومية ، فقد كان السواد الأعظم من الأردنيين يعبرون على مواقع التواصل الاجتماعي وفي تلك اللحظة المأساوية عن حزنهم وألمهم وتعاطفهم مع الشعب اللبناني الشقيق، مثلما تعاطفوا ، بل وتحملوا أعباء الواجب تجاه أمتهم، والانسانية جمعاء.
أن يكون الأردن فقيرا ، فهذا لا يعني أنه ليس نبيلا ، لأن النبل هو الذي يمنحه القدرة الفائقة على تحمل الصعب، وعلى الايثار بالمعنى الذي يجسده قول الله تعالى « وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ” أي أنهم يعطون عن طيب خاطر حتى ولو كان فيهم فقر أو فاقة أو سوء حال، وقد كان الأردن وأهله على الدوام يقاسمون رغيفهم غيرهم من أبناء أمتهم، بلا من ولا تفاخر ولا أذى.
أكاد أجزم أنه حتى تلك القلة ممن ربطوا بين حاجتنا الملحة لجميع امكاناتنا، وبين تلك المعونات التي يرسلها بلدنا إلى الأشقاء والأصدقاء، ومنها المساعدات الطبية خلال أزمة كورونا لكثير من الدول الشقيقة والصديقة، يؤمنون بتلك المبادئ ويعتزون بها ، ولكنها سمة مواقع التواصل، إما أن تنتقد كل شيء، وأي شيء وإما لا تشارك في أي شيء، لكن رغما عن ذلك يظل شعب الأردن وقائده في صدارة الايمان والنبل والقيم والمثل العليا، وغنى النفس وعزتها ورقيها الإنساني.
الغد