كانت الطريق الى مطار الملكة علياء الدولي صعبة على غير العادة.. الامطار كانت تنهمر بشدة على الطريق الذي اخذ يفقد الكثير من سلاسته واستقامته حيث الحفر تتناثر هنا وهناك بسبب شدة الامطار والضعف البنوي في الطريق. وصلنا الى المطار وبعد انتظار قصير دخلنا الطائرة الاماراتية الفارهة المزودة بكل التجهيزات التي تخطر او لا تخطر على البال.
غادرنا الاجواء الاردنية العاصفة وبعد ثلاث ساعات هبطت بنا الطائرة في مطار دبي الدولي.. لتكون المفاجاة غير المتوقعة، فقد كانت السماء تنهمر بغزارة لا تختلف بصورة جعلتها اشبه بأجواء عمان الا في درجة الحرارة التي كانت دافئة نسبيا، اما الشوارع فقد كانت تتدفق فيها وعبرها سيول نادرة.. ربما غر مسبوقة.
انطلقت بنا السيارة بسرعة كبيرة باتجاه مدينة العين فالسير بهذه السرعة يعد سمة من سمات القيادة على شوارع الامارات الفارهة ومتقنة البناء، الا انني مع ذلك لم أكن مرتاحا طوال المسافة بسبب هذه السرعة غير المعتادة.. انقطع المطر بعد دقائق من مغادرتنا دبي لندخل في عباب الصحراء..الا انالامطار عادت غزيرة وعاصفة ونحن ندخل الى مدينة العين التي تبعد 130 كيلومترا الى الجنوب الغربي من دبي. كانت الشوارع غير المصممة لتصريف المياه تعج بالسيول والسماء، تتزين بمهرجانات البرق وضجيج اصوات الرعد.
في صباح اليوم التالي بدأت دورة "مهارات التفكير الاستراتيجي" لكبار المدراء في مؤسسة زايد التي حضرت من عمان لتنفيذها على مدى 24 ساعة من المحاضرات والانشطة التطبيقية موزعة على اربعة ايام. كانت الفرصة دائما متاحة في اليوم الاول من الدورة للحديث اثناء الاستراحات عن عملية اغتيال المبحوح في دبي.. وكان المشاركون يعبرون عن فخرهم العميق بانجازات دولتهم وخاصة الاداء المتميز للاجهزة الامنية في دبي في الكشف السريع والمدار جيدا لتفاصيل الجريمة الصهيونية خلال وقت قياسي لم يتجاوز الثماني واربعين ساعة من تاريخ حدوثها.
خلاصة الحديث، انه في زمن كهذا الزمن الذي تمر فيه الامة حيث الاحباطات لا حدود لقسوتها وتعددها يتخللها بعض اللمحات المشرقة هنا وهناك ، وفي ورشة عمل كهذه ينهي فيها المدراء دورات طويلة من التأهيل وبناء مهارات القيادة .. يتداخل لدى المشاركين العام بالخاص وتتمازج الهموم الشخصية المهنية مع هموم الواقع القومي المتردي ويصبح الحديث طويلا وحزينا احيانا ومتحمسا وحالما احيانا اخرى.
هذا هو واقعنا القومي للاسف فمهما حاولنا الهروب الى الامام او الى الخلف، فالنتيجة في المحصلة النهائية واحدة.
qatamin8@hotmail.com