مزقوا قرارات الفصل وبددوا الضبابية
حسن الشوبكي
02-03-2010 04:26 AM
قدموا استقالات من مراكز ومؤسسات إعلامية محلية وعربية، كانوا يعملون بها قبل سنتين، وجاؤوا بروح عالية للانضمام إلى مشروع إعلامي جديد، يملؤهم الأمل بأن يبدعوا ويتميزوا في محيط صحافي نوعي ، بيد أن تلك الأحلام تبددت على صخرة الارتباك، وحل محلها اعتصامات للمطالبة بحقوق عمالية، وهواجس المستقبل والبطالة، والبحث عن فرصة عمل جديدة، إنها بعض صور الألم التي لحقت بالعاملين في قناة atv التي لم تر النور.
صباح أمس كان 170 موظفاً وصحافياً على موعد مع كتب فصل سلمت إليهم على بوابة تلفزيونهم، الذي كان من المفترض أن يكون فضاءً جديداً لهم ولعائلاتهم، لا سبباً في معاناة كبيرة لا تقف عند ظرف مالي حالك، ومستقبل مجهول، وغد غير مشرق، لا سيما لشباب متحمس، يحاول تلمس خطواته في طريق السلطة الرابعة الطويل.
ليس مهماً إلى من ستؤول ملكية هذا المشروع ، ولا مبرر لإطالة أمد المفاوضات بخصوص بيع المشروع لصالح الحكومة من قبل المستثمر طلال العواملة، ويجب على كل الأطراف في نهاية الأمر – إن انتهى - تحمل مسؤولياتها تجاه 170 عائلة أردنية، لا ذنب لها في حالة الارتباك تلك، والتسويف الذي طرأ على شكل ومضمون وتمويل المشروع، وعليه فإن الشيء الوحيد المهم هو عدم ترك هؤلاء العاملين من نخب فنية وصحافية وإدارية فريسة للمجهول.
الأجواء التي تحيط بمعاناة العاملين، تنطوي على كثير من التجاهل وعدم الاكتراث، فهم لم يتسلموا رواتب شهري شباط (فبراير) وكانون الثاني (يناير) الماضيين، في الوقت الذي يعاني فيه عاملو القناة، من وطأة التزامات مالية شهرية، بل ويومية تخصهم وتخص عائلاتهم، وأن نسبة كبيرة منهم، ستكون عرضة لعقوبات قانونية صارمة، في حال وجدت كتب الفصل الصادرة بحقهم، طريقا إلى التنفيذ، فجلهم حصل على قروض مصرفية، وعليه التزامات مالية وإيجارات ورسوم تدريس وغيرها.
والغريب بحق أن سيناريو تعثر بث القناة منذ العام 2008، بسبب العجز المالي في الميزانية، وما تبع ذلك من تعدد صفقات البيع لعدة مستثمرين منذ شهور، كل ذلك يتفاقم، لكن من يدفع ثمن هذا التعثر، هم العاملون وعائلاتهم، ولا أعلم مدى مصداقية الوعد الحكومي الأخير والتطمينات التي أطلقتها الحكومة، حيال استمرار العاملين في القناة في ممارسة عملهم، حال انتقلت ملكية القناة إلى الحكومة، فالوضع اليوم يبدد ذلك الوعد، فالعمال أمسوا مفصولين، وأزمتهم تزداد تعقيداً، ولا يوجد من يجيب عن أسئلتهم التي مضى عليها وقت طويل. فلا ذنب لهم في تعثر بث القناة، كما أنهم لم يكونوا أطرافاً في الصفقات العديدة لبيع القناة بحثاً عن تمويلات جديدة.
ويبقى القول إن ملفات الحقوق العمالية في بلادنا، يجب أن تؤخذ بكل الجدية من قبل القطاعين العام والخاص، فالمساس بحقوق الفئات المهنية والعاملين، ليس أمراً سهلاً وينطوي بكل سواده على عبث بمستقبل الشباب، وتبديد لطاقات مهنية مميزة، ولعل السمعة الجيدة لصحافيي وإعلاميي الأردن في الداخل والخارج، ما كانت لتتحقق لولا الرعاية التي حظيت بها على امتداد عقود خلت .
مرة أخرى ، يجب وقف قرارات الفصل تلك وتسليم العاملين رواتب الشهرين الماضيين، وحسم صفقة بيع القناة على نحو يبدد كل هذه الضبابية.
الغد