ماذا حل بكِ يا بيروت ؟
ماذا حل بجمالك و سحرك ؟
ما بك تبدين متعبة , حزينة و مستهلكة ؟
انهضي يا بيروت و اقذفي كل من آذاكِ إلى أقاصي بحرك , ارميهم و دمريهم , لا تتركي لهم منفذا من غضبك الساحق .
أنت تستحقين السلام يا بيروت , تستحقين أن يأتي إليكِ الناس من كل نواحي الارض لأنّك أنتِ و الجمال وجهان لعملة واحدة يا بيروت.
يا بيروت لا تدعيهم يجتاحون ترابك المخملي , و بحرك الفيروزي , لا تسمحي لهم بأن يسكتوا موسيقاكِ البديعة و أن يكتموا ضحكاتك الرنّانة.
كان يقال في السابق أن لبنان على وشك الانهيار , أمّا الآن فللأسف قد انهار لبنان , فحتى بحره لم يسلم من الفساد و الخراب و التدمير , في هذا العالم، و في شرق آسيا بالتحديد نجد دولا كثيرة تضم طوائف عديدة قد يصل تعدادها للمئات و قليلا ما نسمع عن اقتتالات داخلية بينها , لكن ما يحدث في لبنان أن الاقتتال الداخلي و المحاصصة قد نهش منظومته من الداخل , فالوطن اللبناني أصبح أشبه بالمزرعة المقسومة بين ورثة مختلفين على حصصهم و الفاسد من يقتطع أكثر و في نهاية المطاف يحصد الألم الشعب المسكين المقتول و المشرد.
الحل الوحيد للمعضلة في لبنان هو اقتلاع المنظومة الفاسدة عن بكرة ابيها , من أصغر موظف يقبض رشوة ليستطيع المراجع مقابلة المسؤول , إلى أفسد شخص يبيع أبناء وطنه ويورّد لهم سلاحا يقتلهم و يبيدهم , لا حلولا لسلام بيروت سوى هذا الحل , فأيّ فرضيات أخرى ستكون حلول مؤقتة و ترقيعية.
إن اخذنا جولة سريعة في القارة الافريقية سنجد و نذهل بأنّ أكثر الدول الافريقيّة التي مزقتها الحروب الاهلية و الاقتتالات تصعد الآن على سلم النهضة و التنمية بشكل متسارع , ألم يحن للبنان أن يضمد جراحه و يستفيق من حمّة الفساد.
والسؤال الأكبر ألم يشبع الفاسد و يملأ جيوبه من قوت الجياع ؟
ألم يشغّل أقاربه في المناصب و يعطيهم رواتب مضاعفة عمّا يستحقون ؟
ألا يستطيع الفاسد أن يشتري قصورا فخمة في كل أنحاء العالم و يغرب بوجه إليها ؟
إذن لِمَ لا يغادر و يترك الشعب الذي لم يفقد الأمل بالرغم من الألم, ليزرع الورد في أعماق القنابل ؟
أو أن بطون الفاسدين لا تمتلئ مهما عجّت بصرخات الجياع, وعقولهم لا تشفى من خطط الغدر مهما غزاها أنين المتألمين ؟
ما يؤلم أكثر أن للفاسدين هالة من المشجعين الذين يقتاتون على فتات النقود التي يرميها لهم الفاسد و يغذي بها جشع نفوسهم , هؤلاء قد يخربوا أوطانهم أكثر من الفاسدين , لأنّهم يقفون دائما في وجه الحرية و الكفاح لضمان بقاء زعيمهم على كرسي الدم الاسود , و دائما ما يحرفون القضايا نحو الزوايا الطائفية و يلعبون على وتر العنصرية ليفرقوا الشعب تحت مظلة متشابكة من سرطانات الزعامة.
الآن هو الوقت المناسب لأن يثور اللبنانيون على الغدر و الفساد بكل ما أوتوا من قوة , عليهم أن يقتلعوا شوك وطنهم بتشابك أيدهم , و يضربوا في التمسك بالأمل أروع الامثلة للعالم بأسره.
وفي النهاية نرسل لبيروت كل الحب و السلام آملين أن نرى الضحكة تغزو ملامحها في القريب العاجل.