بغض النظر عن ما أعلنته دبي من حقائق عن اغتيال القيادي الحمساوي محمود المبحوح, وبعيداً عن تهديد خالد مشعل بالثأر, وتاكيده أن الصراع مع إسرائيل سيصبح إقليمياً ويتعدى حدود غزة، وعلى الرغم من أن كل أصابع الاتهام تشير إلى الموساد, فان الحماسيين انتهزوا الفرصة محاولين تصفية حسابهم مع القيادي الفتحاوي محمد دحلان, متهمين سلفاً اثنين من الفلسطينيين يشتبه بمشاركتهما في الاغتيال, بانهما تابعان لجهاز الأمن الذي كان تحت إمرة الرجل مع أن المعروف أنه ترك العمل الأمني منذ سنوات, ويتولى الاعلام الفتحاوي منذ المؤتمر الاخير للحركة, وكذلك فعلت فتح حين اتهمت المشتبهين بالتورط بالتبعية لجهات معينة في حماس التي اعتقلت السلطات السورية نهرو مسعود وهو مسؤول عسكري فيها يشتبه بصلته بعملية الاغتيال, ومسعود هذا كان غادر غزة قبل الانقلاب الحمساوي بعد اتهامه بقتل ضباط فلسطينيين, واعتقل في مصر, وتم تهريبه إلى سوريا, وكان موجوداً في دبي يوم اغتيل المبحوح وغادرها في اليوم التالي إلى دمشق، وكان الاثنان قاما سوية في كانون الثاني الماضي بزيارة إلى السودان.
حماس تتهم دحلان بالمشاركة في اغتيال المبحوح, لكن عائلة الرجل تنفي هذا الاتهام, وتوضح أن لا مصداقية لهذه الأنباء، وأن لديها خلفية حول هوية الفلسطينيين المتورطين في عملية الاغتيال, وامتنع شقيقه عن إيراد أية تفاصيل لحين سماح شرطة دبي بنشر ما يدور في أروقة التحقيقات, ووكلت العائلة محامياً للمتابعة, معلنة أنها لن تفصح عن أية معلومات, باستثناء اتهام الموساد لأنه الوحيد الذي له مصلحة بالقتل, ولم يمنع ذلك حماس من نفي تورط نهرو في العملية معتبرة ما قيل في هذا الشأن محض افتراء وفبركات صهيونية لا أساس لها من الصحة، وأنها تأتي بغرض صرف الأنظار عن مسؤولية الموساد في تنفيذ الجريمة, في ضوء ردود الفعل والتداعيات الدولية المستنكرة لجريمة الاغتيال, ولاستخدام الموساد جوازات سفر لبعض الدول الأوروبية.
قيادة حركة حماس سارعت لاعلان أن الفلسطينيين المتورطين في اغتيال المبحوح كانا يعملان في دبي في مؤسسة عقارية تابعة لدحلان, لكن قائد شرطة دبي، نفى ذلك ضمنياً حين أشار إلى أن أحد الفلسطينيين المقبوض عليهما شوهد في وضع مريب مع أحد المتهمين الأوروبيين، وتربطه علاقة وثيقة بالفلسطيني الآخر الذي تبيّن صدور حكم ضده بالإعدام، وتحفظ عليه حتى يتبيّن دوره في القضية، وحتى لا يأتي أحد لقتله في دبي أيضاً, وأكد أن هناك كثيراً من التفاصيل التي سيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب، ومعروف أن شرطة دبي اعتقلت فلسطينيين ومقيمين من جنسيات أخرى تثور الشكوك بشأن تورطهم في اغتيال المبحوح الذي وصل إلى دبي قادمًا من دمشق في طريقه إلى الصين ومنها إلى السودان. ولم يلتق الرجل أي شخص في دبي، ولم يتصل بأحد, وزار فقط محلاً اشترى منه حذاءً, وهذا ما دفع السلطات الامنية لترجيح حصول تسريب من جانب المحيطين بالمغدورالذي حجز الفندق قبل يوم من وصوله دبي، وهذا وقت غير كاف لاعداد عملية الاغتيال المحكمة.
الصحافة الاسرائيلية تؤكد أن الموساد دبر عملية الاغتيال, وتنبهنا أن دقة الاستعدادات تذكر بعمليات هذا الجهاز السابقة, لكنها أشارت إلى أنه ولى الزمن الذي كان فيه بالامكان تصفية شخص ما بعيداً عن مرأى ومسمع أي كان, خصوصاً إن كان في أهمية المبحوح الذي تعتبره إسرائيل مزوداً مهماً لحماس بالسلاح, وأنه المسؤول عن خطف جنديين اسرائيليين وقتلهما في بداية الانتفاضة الاولى, علاوة على التخطيط للعديد من العمليات المضادة لاسرائيل، لكن الصراع على السلطة دفع برفاقه إلى تجاوز دمه,واستثمار العملية ضد فتح وهو ما يدفع للسؤال مع من كنت تناضل يا محمود المبحوح؟ .