حالات التسمم في المطاعم ..
د. دانييلا القرعان
03-08-2020 11:52 AM
«فصل الكهرباء عن ثلاجات "التموينات" تسمم غذاء وفناء أبرياء». أو « مصدر التسمم مركز توريد اللحوم والمواد التي تضاف للوجبات».
والله يصعب على أناملي وفكري وقلمي الكتابة عن هذه الجزئية التي احزنتنا كثيراً، رحم الله من توفاهم الله، وأنزل رحمته وشفائه على المصابين بالتسمم الغذائي في حادثة تسمم عين الباشا في مخيم البقعة..
يبدو أن هنالك آفات تُعد الأخطر من آفة كورونا العالمية والتي ضربت دول العالم وأوقفت سير مظاهر الحياة فيها،"تعددت الأسباب والموت واحد"،بل أقول تعدد الإهمال والنتيجة واحدة،تعددت المصالح والنتيجة واحدة، تعددت قضايا الفساد والمحسوبية والواسطات والنتيجة واحدة،وبرأيكم من الضحية في ظل ما يحدث من إهمال وفساد، إنه المواطن..!!! أصبحت للأسف أرواح المواطنين سلع تباع وتشترى لتحقيق الربح المادي،أصبحت أرواح المواطنين تُزهق دون أن يراعي أحد أن هذه الروح من عند الله، وأن هذه الروح المسكونة داخل أجسادنا هي حق من حقوق البشرية للعبادة والخلافة والاستمرار والبناء والعطاء والعيش الكريم الذي أصبحنا نبحث عنه كثيراً،جائحة كورونا وحوادث السيارات وأقصد طريق الموت الطريق الصحراوي وحالات القتل البشعة التي أصبحنا نبصرها بأمِّ أعيننا وعلى مسامع آذاننا والعنف ضد النساء "قتل النساء" وحالات التسمم في المطاعم والتي أصبحت ظاهرة وليست إستثناء يجب الحديث والتركيز عليها أكثر وتسليط الضوء على أسبابها ومشاكلها وحلولها إذا كان هنالك حلول، وهذا ما سيكون موضوع كتابتي والتي سوف أتحدث عنها، وأتمنى وكلّي رجاء أن توصل للكثير من المسؤولين والمواطنين ليتداركوا خطورة التهاون في أرواح المواطنين.
"حالات التسمم في المطاعم"، يبدو أن حالات التسمم من الأكل الذي يقدم في بعض المطاعم أصبحت ظاهرة وليست إستثناء، لأنه أصبحنا نجزم وكل اليقين لا يمر أسبوع واحد ولا نسمع به عن حالات التسمم لأعداد كبيرة من المواطنين في معظم المدن الأردنية ومن ضمنها العاصمة الحبيبة عمان، وهذه الحالات للأسف لا تقتصر على مواطن واحد أو مواطنين أثنين بل تشمل أحيانا المئات من المواطنين.
الإجراءات التي تتخذها الجهات الحكومية الرقابية المختصة مثل وزارة الصحة أو دائرة الغذاء والدواء أو أمانة عمان الكبرى أو البلديات هي إجراءات غير كافية،ومن المعروف أنه في ظل وجود مخالفات أو حالات تتم داخل المطاعم فإن الإجراء المتبع هنا هو إغلاق المطعم وشمعه بالشمع الأحمر، وهذا الإجراء لا يستمر أحياناً أكثر من بضع ساعات لأن صاحب المطعم وبكل وضوح يمتلك واسطة قوية يتدخل فيزيل الشمع الأحمر ويصرّح صاحب المطعم أن المطعم كان مغلقاً من أجل الصيانة... ويا زيد كأنك ما غزيت...
لا ندري هل الخلل من القوانين أم في المسؤولين عن تطبيقها لأنه من غير المعقول أن يغرم صاحب المطعم الذي تسبب بعشرات ومئات الأشخاص عشرة دنانير كحد أدنى ولا يتخذ بحقه أي إجراء آخر...يجب هنا أن نطالب بتوقيع أقصى العقوبات على كل من يستهتر بأرواح المواطنين دون استثناء وتخوله نفسه لإلحاق الضرر بالوطن والمواطن.
والسؤال المهم الذي أساله ويسأله الكثيرون هو: لماذا لا يتم نشر اسم المطعم الذي حدث فيه التسمم؟ لماذا لا يتم نشر اسم المطعم بكافة منصات مواقع التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة؟ وذلك بسبب معرفة الناس له ومقاطعته مستقبلاً وهذا أكبر عقاب لصاحبه وردعاً لغيره للوقوع في مثل هذا الفعل الشنيع والذي يتعلق بحق من الحقوق الأساسية للمواطنين ألا وهو الحق في الحياة الكريمة في ظل وطن نتغنى به وننعم في ظله،والسؤال الآخر لماذا تراعي أجهزة الدولة الرقابية الحكومية الناس الذين تسببوا بتسميم المئات من المواطنين ولا تريد التشهير بهم؟
ما أود ذكره في هذا الموضوع الهام الذي قمت بطرحه عن حالات التسمم في المطاعم، إنه في دولة لبنان الشقيق،في إحدى المرات قام وزير صحة سابق لديهم بإغلاق مطعم أو مؤسسة أو مصنع غذائي لا أذكر بالضبط نوع المنشئة الغذائية،لكن ما أذكره قام بإغلاق المنشأة ونشر وصرّح عبر وسائل الإعلام بإسم المنشأة أو المطعم والمالك، وكان صاحب المطعم ذو نفوذ كبيرة في لبنان وهو صاحب أشهر مطاعم موجودة في لبنان وكان له ثقل كبير في الدولة اللبنانية ولم يستطع وقف هذه المسألة،مما دفع أحد رؤساء الجمهورية اللبنانية بالتوسط عند الوزير حتى لا يتم نشر اسم المطعم وصاحبه،إلا أن الوزير رفض ذلك رفضاً قاطعاً ونشر اسم هذا المطعم المخالف،لماذا لا يحدث مثل هذا الأمر في الأردن؟ لماذا لا يتم نشر اسم المطعم وصاحبه ليكون عبره وردع لغيره وعقوبة له؟ لماذا لا نتجرأ يوماً ونتخذ مثل هذه الإجراءات؟ إلى متى ستبقى ثقافة العيب والتستر وعدم المساس بإسماء الآخرين مستمرة؟
في بعض المطاعم الموجودة في الأردن وللأسف الشديد ولضعف الرقابة من المطعم أبتداءاً وعماله وضعف الرقابة الدورية المستمرة من قبل المراقبين في الدولة، وأخص مطاعم الحمص والفول والمطاعم التي تبيع الدجاج المقلي،يبقى الزيت الذي يستعملونه لقلي الفلافل أو الدجاج لفترات طويلة جداً دون تغييره، وهذا حتماً سيؤثر على صحة المواطنين ويتسبب بحالات تسمم وأمراض أخرى قد تؤدي إلى الوفاة احياناً.
في معظم دول العالم إذا حدثت حالات وحوادث تسمم كالتي تحدث عندنا، يقدّم وزير الصحة وأمينها العام استقالتهم لأنهما يتحملان المسؤولية الأدبية المعنوية وليست المسؤولية القانونية بسبب أعمالهم وإنما عن أجهزة وزراتهم الرقابية المقصّرة في عملها في الدولة،وما أود التنبيه له بأن أغلب المطاعم لدينا وليس جميعها تستخدم ثلاجات عادية جداً لا تبرّد كثيراً وكأنها ثلاجة منزل، بل أن البعض منهم من لا يمتلك أي ذرة ضمير ورحمة وإنسانية أن يقوم على إطفاء الثلاجة التي تحفظ الطعام في الليل من أجل توفير الكهرباء.. مرجوعنا لنقطة البداية الضحية الأولى للأسف هو المواطن المتغلب على أمره إنه أنا وانت وأنت ...
"فصل الكهرباء عن ثلاجات "التموينات" .. تسمم غذاء وفناء أبرياء"، مع تزايد إرتفاع درجات الحرارة تلجأ الكثير من المطاعم والمؤسسات الغذائية والمنشآت ومحلات السوبرماركت إلى التخفيف من فاتورة استهلاك الكهرباء وهو أحد الأسباب التي تضاف إلى المجازر التي تقترف بحق الإنسانية،عندما تلجأ شركات الكهرباء برفع ترفعة الكهرباء،هذا العمل يدفع أصحاب الضمائر المنعدمة لإطفاء الثلاجات والبرادات والتي تحوي على الألبان واللحوم والدجاج والأسماك وغيرها من المواد الغذائية التي تحفظ تبريداً؛من أجل ترشيد استهلاك الكهرباء والتقليل من قيمة الفواتير المرتفعة والتي كلها تقع على ظهر المواطن،عندما تقوم المطاعم بإطفاء الثلاجات والبرادات والتي تحوي على المواد الغذائية التي تحفظ ذلك بعد إغلاق المحال في أوقات متفرقة في النهار أو عند إغلاقها في منتصف الليل ومن ثم إعادة الكهرباء فور فتح محالهم في الصباح،وعلى الرغم من الضرر على صحة المستهلك الذي يسببه إطفاء الكهرباء عن الثلاجات المملوءة بالمواد المبردة والمجمدة، إلا أن أصحاب وعمال هذه المنشآت للأسف تتجاهل هذه المخاطر؛رغبة في توفير مبالغ زهيدة.
"الخدع التي يقوم بها أصحاب المنشآت الغذائية والمطاعم"، تقوم بعض المنشآت الغذائية والمطاعم والمحال بإغلاق الثلاجات والتبريدات
في وضح النهار،وعندما يقوم أيُّ أحدٍ منا بالاستفسار والسؤال عن ذلك، حتماً يجيب المسؤول عن المنشئة أو العامل ويبرر ذلك من خلال أن عطلاً فنيّاً أصاب الثلاجة وتم الإنتهاء من إصلاحه قبل فترة وجيزة،والكثير من المواطنين أكدوا أنهم يواجهون بشكل شبه يومي مثل هذه المواقف من إغلاق المحال والثلاجات؛ بغية التوفير في ساعات الليل المتأخرة وفي الساعات الأولى من الصباح مطالبين الجهات الرقابية ذات العلاقة من المفتشين الصحيين تكثيف الزيارات الفجائية دون علم مسبق على هذه المحال والمطاعم والمنشآت خاصة في الصباح الباكر لإكتشاف حيل وخدع هؤلاء العمال بتوفير الكهرباء على حساب صحة المواطنين وتطبيق أشد العقوبات عليهم.
"سوء التخزين"، من جانب آخر من مسلسل الإهمال والعطل والضرر وألامسؤولية، تخزين وحفظ المواد الغذائية خاصة في محلات التموينات؛وذلك لعدم معرفة وعلم ودراية العاملين فيها بالإشتراطات الصحية لتخزين المواد الغذائية،وبعض العمال والمسؤولين في هذه المنشآت الغذائية يتسببون في فساد التغذية؛ لإغلاقهم أجهزة التكييف والتبريد دون النظر إلى الخطر الناجم عن إغلاق أجهزة التبريد خاصة أن كثيراً من الثلاجات تحوي على مواد سريعة كاللحوم والدجاج والأسماك، وتكرار فصل التيار الكهربائي يؤدي إلى التسمم الغذائي خاصة في فصل الصيف إرتفاع درجات الحرارة وتعرض المواد الغذائية للتلف السريع بسبب سوء التخزين لهذه المواد.
طريقة الحفظ هي الولاية الحقيقية للتعرف على مدى ملاءمة المنتج للإستهلاك الآدمي وأن عوامل الحرارة والرطوبة والضوء هي من المؤثرات الرئيسية في تاريخ صلاحية المنتج وعدمها، وأنه إذا تغيرت هذه العوامل فقد يتغير تاريخ الصلاحية ويتقلص متأثراً بالعوامل التي حفظ بها الغذاء،وأن إغلاق الثلاجات التي تقوم بتبريد المواد الغذائية بين فترة وأخرى يسبب فساد هذه المواد وتكون غير صالحة للاستهلاك البشري.
"حادثة عين الباشا..«شاورما بدينار» تسمم المئات في الأردن"،أعلنت وزارة الصحة الأردنية عن تسجيل المئات من حالات التسمم الغذائي بتناول شاورما لدى أحد المطاعم في عين الباشا _ مخيم البقعة في محافظة البلقاء ونتج عنه إلى الآن وفاتان والمئات من حالات التسمم الغذائي،وكشفت الوزارة أن الحاكم الإداري أمر بإغلاق المطعم بشكل تحفظي وتوقيف صاحبه،وحدث التسمم الغذائي بسبب جرثومة انتيركوكس فيكالس "المكورات المعوية البرازية"، وجرثومة "كامبيلوباكتر" بحسب ما جاء في التقرير ،وبحسب تفاصيل الحادثة فأن المطعم كان قد قدّم عرض لزبائنه على وجبات الشاوروما بسعر دينار،وما أود أن ألفت النظر له هنا أن الفقر والعوز وارتفاع الأسعار وإرتفاع تكاليف المعيشة يدفع أحيانا الإنسان إلى الرضى بأقل مما يستحق،بسبب عرض مغري على وجبة شاورما أقبل الكثير على شراءها لرخصها،، وهذا الأمر دفع سكان المنطقة للتهافت عليه وبدأت حالات التسمم نتيجة تناول هذه الشاورما رخيصة الثمن وغير صالحة للاستهلاك البشري،وتوافد الكثير من المصابين إلى أربع مستشفيات لتلقي العلاج الفوري والمستعجل.
من المعروف أن الوجبات السريعة الجاهزة خاصة التي يضاف إليها خليط المايونيز تكون أكثر عرضة للفساد خاصة مع إرتفاع درجات الحرارة وأكدت الوزارة وبعد الكشف على المطعم الذي تسبب بحالات التسمم أن وحدة التبريد داخل مشغل تحضير الشاورما معطلة للأسف، وأن عملية التحضير تمت خارج الغرفة في بيئة غير صحية ودون الإلتزام بالاشتراطات الصحية وادنى قواعد السلامة العامة،وتبين وجود "بكتيريا" في عينات شملت لحوماً ودواجن وذلك بعد تسمم المئات من المواطنين بتسمم غذائي،مؤكدين أن البكتيريا تسببت في التسمم والأعراض الصحية المصاحبة له،كما أن لإرتفاع درجات الحرارة وتأثيرها على هذه البكتيريا بيئة خصبة لنمو مثل هذه الأنواع من البكتيريا، ومن جهه أخرى أغلق المطعم بشكل تحفظي وتم تشميع المنشئة وتحويل مالكها إلى الجهات المختصة.
وما حدث مؤخراً شيء يصعب تصديقه ونتيجة للبحث عن المصدر الرئيسي لحالات التسمم في مناطق عين الباشا ومخيم البقعة ومنطقة صويلح تبين هنالك وفق آخر عمليات البحث والتأكد الجديدة أن السبب هو مصدر التسمم مركز توريد اللحوم والمواد التي يتم تقديمها مع الوجبات وتم ضبط 5 أطنان من اللحوم منتهية الصلاحية وضبط نصف طن بطاطا منتهية الصلاحية في مركز التوريد،
وقد اوعز وزير الصحة بتشكيل خلية أزمة تضم أمين عام وزارة_الصحة ومدير عام مؤسسة الغذاء والدواء ومحافظ البلقاء ومندوبين من وزارة الزراعة والبيئة ومدير صحة البلقاء ومدير الأمراض السارية والمدعي العام للوقوف على حيثيات حادثة التسمم، وصرّح وزير الصحة الدكتور سعد جابر، إنّ نتائج البحث أثبتت ان مصدر التسمم في مجموعة من المطاعم هو توريد اللحوم والمواد التي يتم تقديمها مع الوجبات،وأضاف جابر، أنّه تم ضبط 5 اطنان من اللحوم منتهية الصلاحية بالاضافة إلى نصف طن بطاطا في المنشأة التابعة لمركز التوريد،
وتابع: "تم إغلاق 20 منشأة في السلط وصويلح ولواء عين الباشا ومطعم في عمّان بصورة احترازية لحين صدور نتائج العينات المخبرية التي تم جمعها".
وأوعز بتشكيل خلية ازمة تضم امين عام وزارة الصحة ومدير عام مؤسسة الغذاء والدواء ومحافظ البلقاء ومندوبين من وزارة الزراعة والبيئة ومدير صحة البلقاء ومدير الامراض السارية بالاضافة الى المدعي العام،وطلب جابر من المدعي العام اتخاذ جميع الاجراءات القانونية ومحاسبة المقصرين والمتسببين في حالة التسمم،
واشار جابر إلى أنّ الوزارة تتابع الحالات المصابة وسيكون هناك جولات لزيارة المصابين الراقدين على اسرة الشفاء.
كلّي رجاء من كل من تسوله نفسه وضميره لإلحاق الأذى والضرر بأي إنسان أن يتذكر ذاك اليوم الذي سيقف به بين يدين الله ويحاسب على كل فعل ألحق ضرر بالغير قام به، وفي المقابل الآخر أطالب جميع الجهات الحكومية الرقابية المختصة دون استثناء بعمل جولات رقابية تفقدية عشوائية فجائية دون علم مسبق على بعض المطاعم والمنشآت للتأكد من سلامتها وأجراءاتها الصحية والوقائية المتبعة وإجراءات السلامة والصحة العامة،،لأن الإنسان هو اغلى ما نملك...