سيناريوهات الحياة .. ماذا لو اختفت الشمس فجأة؟
01-08-2020 11:57 AM
عمون - ماذا لو اختفت الشمس فجأة؟ وهل يمكن أن تختفي حقا؟ سؤالان مطروحان أمام علماء الفلك مغزاهما: ماذا سيحل بنا وبكوكبنا إن حدث شيء من ذلك؟
فبحسب قانون الجاذبية العام، فإن الشمس وباقي الكواكب مرتبطة ببعضها بقوة جاذبية الشمس التي تعتمد فقط على كتلتها الكبيرة جدا (2 وأمامها 30 صفرا من الكيلوغرامات)، وكتلة الكواكب الصغيرة التي يمكن إهمالها.
ولم يعرف العلماء الطريقة التي تجذب بها الشمس الكواكب بغير ما فسرها به نيوتن بأن كل جسمين أو كتلتين في الفضاء يجذبان بعضهما بقوة تتناسب طرديا مع مقدار كتلة كل منها، وعكسيا مع مربع المسافة الفاصلة بينهما، وهذا يعني أن زيادة المسافة الفاصلة تقلل حتما قوة الجذب بين الجسمين.
ثم جاء آينشتاين بنظريته النسبية العامة سنة 1916، ليقول في الجاذبية قولا غير الذي أدلى به نيوتن، وهو أن الفضاء -وقد سماه "الزمكان" (مصطلح مشتق من كلمتي الزمان والمكان)- يتحدب كثيرا بالقرب من الكتل الكبيرة، فيجبر الكتل الصغيرة على أن تسير حولها في أخاديد (تحدبات) يعتمد عمقها على كتلة كل كوكب.
اختفاء قسري للشمس
في السيناريو الأول تختفي الشمس فجأة، ويلزم ذلك انفلات الأرض من قبضة الشمس الجاذبة والخروج من ذلك الأخدود الزمكاني الذي كان يجبرنا على أن ندور فيه حولها.
وستنطلق الأرض هائمة في الفضاء باتجاه عشوائي، وإذا لم تصطدم بحزام الكويكبات أو بأحد الكواكب الخارجية فإننا لن نشعر بما حدث لنا، وستكون نهاية الأرض التجمد في الفضاء وموت كل من عليها بردا وصقيعا كما في السيناريو الثاني.
حين تُكوّر الشمس قزما أبيض
تُجمع البحوث الفلكية على أن شمسنا نجم صغير سيموت بعد استنفاد وقوده الهيدروجيني على شكل قزم أبيض (سيستغرق ذلك بين 5-7 مليارات سنة من الآن)، بحيث يخلع عنه رداءه من تلك الغازات التي جعلته عملاقا أحمر، ثم يتكشف عن نجم صغير بحجم الأرض يدعى القزم الأبيض.
ولو تصورنا أن ذلك سيحدث فجأة فإن كل الكواكب ستبقى دائرة في مداراتها حول هذا القزم الأبيض، لأنه لا يزال يملك نفس الكتلة تقريبا، وسيتحول النهار الذي أضاء السماء في 8 دقائق إلى ليل دامس إلا من الشمس (القزم الأبيض) التي ستضيء كجرم بسطوع كوكب الزهرة.
وإذا كان القمر ظاهرا في السماء فسينطفئ نوره على الفور، ولن نعود قادرين على رؤيته أبدا، لأنه لم يعد يتلقى أي ضوء من الشمس، ولا حتى من تلك الأشعة الواصلة إليه بسبب انعكاسها عن الأرض.
وسيأخذ الطقس بالبرودة شيئا فشيئا حتى نبلغ مرحلة التجمد، وستموت النباتات لعدم وجود ضوء لعملية التمثيل الكلوروفيلي، وستزداد بسبب ذلك كمية ثاني أكسيد الكربون في الجو، إذ إن الغطاء النباتي الذي كان متكفلا بالتخلص مما زاد منه لم يعد يعمل.
وستهطل الثلوج في كل أرجاء الأرض فتكسوها غطاء أبيض، ولن تكون هناك طاقة كافية للإبقاء على أنواع الكائنات الحية ولا الغلاف النباتي ولا على الماء السائل الذي هو قوام الحياة.
كل شيء ينطفئ
وسوى ذلك الماء في قيعان المحيطات المسخن من باطن الأرض فإن أعالي البحار والمحيطات ستبرد في غضون أسابيع وستتجمد في غضون سنة تقريبا.
وتجمدها يعني انتهاء الأمواج وحركة المياه التي تولد الطاقة الكهربائية، ولن تعود هناك طاقة كهربائية إلا من الطاقة الأحفورية التي ستنتهي بعد أمد قصير.
وكذلك الرياح، فإن هبوبها سيتوقف، لأنها تهب بسبب اختلاف الضغط الجوي بين المناطق الحارة والباردة، وقد أصبحت جميعها باردة، وبذلك يتوقف إنتاج الطاقة من مصدره المتجدد.
أما في الفضاء فبانقطاع الضوء عن الخلايا الشمسية للأقمار الصناعية ستتعطل هذه الأقمار وستصبح قطع خردة لا قيمة لها، وستنقطع جميع أنواع الاتصالات والإنترنت بعد ذلك.
وستختفي علامات معرفة مواعيد شعائر الإسلام كالصلاة والصوم والحج والتي جميعها تعتمد إما على الشمس (ربما نستعيض عنها بالقزم الأبيض) أو على القمر الذي يعتمد على ضوء الشمس.
وباختفاء كليهما سيكون على الفقهاء أن يقدروا تلك المواعيد تقديرا، فلا هلال يرى لرمضان والعيدين، ولا شمس تغيب لموعد الإفطار، والسماء ليل على مدار الوقت.
مصير جليدي.. وكرة سوداء
لذلك، ما لم يهرب سكان الأرض إلى الفضاء فإن الكرة الأرضية ستتحول بهم إلى كرة جليد بيضاء (وربما سوداء لأنها غير مرئية) تدور حول الشمس (الميتة)، وهم آيلون معها إلى الفناء.
وفي الحقيقة -ومن أجل هذه اللحظة- يعمل علماء الكونيات الذين يؤمنون بالبحث عن حياة عاقلة في الكون على ضرورة العثور على كواكب نجمية شبيهة بالأرض، أملا بالانتقال للعيش على واحد منها يكون صالحا لاستقبال الحياة.
لكن وسائلنا المادية التي نسافر بها لا تزال قاصرة حتى عن إرسالنا إلى كوكب المريخ، فضلا عن إرسالنا إلى مكان أبعد أو إلى النجوم التي يستغرق السفر إلى أقربها إلينا 90 ألف سنة.
وهذه الوسائل بحاجة إلى تطوير في نوع الرياضيات المستعملة أولا، ثم في وسائل السفر التي ستقلنا مستقبلا -ربما- عبر الزمن وبين المجرات.. من يعلم!
الجزيرة.نت