facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




ياسين الحسبان كما عرفته!


أ.د عبدالباسط الزيود
30-07-2020 02:06 AM

في عيادته التي تتكئ على كتف جبل عمان و في شارع لا يعرف الهدوء إلا في ساعات الليل ؛ لكثرة مرتاديه من طالبي المداواة من العلل و الأسقام ، زرته أول مرة و للحظة و بمجرد السلام عليه و التعارف إليه شعرت أنني أعرف الرجل منذ سنين ؛ لما في بحة صوته من إيقاع الحب و الصدق و لما فيه من صدق يعز علينا رؤيته اليوم في زمن لم يعد لمعجم الصدق من وجود إلا في النادر من الرجال ، يحدثك ببساطة و عفوية دون تكلف ممجوج و لا ترفع غير محمود ، و يأسر عقلك و قلبك بانسيابية و هدوء و إن علت نبرة صوته أحياناً ليس من غضب و لكن عفوية زانت حضوره و زيّنت انفعالاته الجميلة !.

يحمل في ذاكرته البعيدة صوراً جميلة لزمن طفولته و يُتمه الأول و هل لليتم جمال ؟، نعم حينما يتحول محيطك من مشفق عليك إلى محب يبحث في أشياء ياسين الصغيرات عن الضحكة و سرها و عن البسمة و جوهرها في كنف والدته رحمها الله و أخواله من آل طيفور ، يكبر الفتى بين يدي والدته التي رأت فيه حلمها و زهرة أيامها ، يكبر على ذراعيها ، تقيسه على قانون قلبها الكبير و إيقاع حلمها البعيد " كل شبر بنذر " ، ترى فيه والده الشهيد الذي لم يمهله الردى إلا كظل رمح عند الغروب ، و قد غادر الدنيا و ياسين لم يزل في أحشائها ، و لم يبصر الدنيا بعد !.

تعلم ياسين في مدرسة القرية و في بيت يحرص على العلم و تعلمه و على الجد و ركوب الصعب منه ، و يغادر قريته في عجلون ليلتحق بالمدرسة في إربد ،إذ إنها للعلم ديوان و للمثابرة عنوان ، و فيها ينهي ياسين مرحلته الثانوية و عندها كان لوالدته رأي وازن و رباطة جأش بادية نادرة ؛ إذ ترسل ابنها لدراسة الطب في تركيا و يسانده في هذه الرحلة الصعبه عمه إبراهيم الصايل ، رحمه الله ، ليعود ياسين و قد أنهى دراسته في نهاية الستينيات !.

و عندما بدأت رحلة البحث عن العمل فقد عادت به الذكريات لمدارج السالكين من أصحاب أبيه و من أهمهم وصفي التل ، الذي وجّه الدكتور عبدالسلام المجالي لتعيينه في الخدمات الطبية الملكية و عندئذ بدأ المشوار الطويل في طلب العلم المهني و الطبي و العسكري و ليمر في درب طويل من المحطات المهنية و العملية لينتهي به التطواف ما بين عمان و لندن و أمريكا، باحثاً عن الجديد في تخصصه و ميدان طب الأسنان ، إلى الإحالة على التقاعد بعد ثلاثين سنة من خدمة الشعار في جيشنا الأردني ، ليأتي وزيراً للصحة في عام٢٠١١، و لكنه عاد بعد خروجه من الحكومة لعيادته التي أضحت محجاً لكل طالب علاج و منتدىً لرجال طيبين و وطنيين من مشارب مختلفة من وزراء و رؤساء حكومات و أعيان و فرسان متقاعدين عرفوا ياسين فأحبوه و لا أبالغ إذ قلت إنه خليفة وصفي التل رجولة و فكراً و حباً لوطنه !.

أعود مرة أخرى لياسين الإنسان الذي عاش ناسكاً في محراب العطاء ، يكفل أيتاماً و يبني مدرسة وقفاً خيرياً ؛ يتعلم فيها أبناء المفرق ، و يبني قبلها مسجداً براً بوالدته التي تعبت و ما خسرت فقد أنجبت فارساً أردنيًا و رجلاً صادقاً مع نفسه و وطنه و أهله من الأردنيين القابضين على جمر العروبة و الصدق و الرجولة !.

ياسين الحسبان سيرة جميلة بكل تفاصيلها و مفاصلها من عجلون لتركيا و من عمان إلى لندن ، ظل وفياً لمبدأ الأردني الشريف رسالة جسّدها في سلوكه و حملها في البوادي و الأرياف و من الشمال إلى الجنوب يداوي و يمسح على جبين اليتيم و السائل و المحروم ، هذا ياسين كما عرفته !.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :