الإرادة الملكية تحسم أمر الانتخابات النيابية
د. زيد نوايسة
30-07-2020 12:19 AM
صدور الإرادة الملكية السامية بإجراء الانتخابات البرلمانية للمجلس التاسع عشر هذا العام حسم الجدل الدائر حول إمكانية إجرائها من عدمه خاصة في ظل الظروف الراهنة التي فرضتها جائحة كورونا واحتمالية حدوث انتكاسة في الوضع الوبائي محليا -لا قدر الله- ولكن المؤشرات المطمئنة والمريحة ساهمت في الذهاب لخيار إجرائها قبل نهاية هذا العام.
إجراء الانتخابات رسالة إيجابية ودلالة مهمة على الاستقرار السياسي الداخلي بالرغم من التحديات التي يعيشها الإقليم، فالأصل تفعيل
المواعيد الدستورية وهو ما تلتزم به الدولة وعبرت عنه الإرادة الملكية.
سيناريو التمديد للمجلس الحالي وإجراء الانتخابات بعد عام أو عامين من انتهاء المدة الدستورية لمجلس النواب الثامن عشر في السابع والعشرين من أيلول المقبل انتهى عمليا وصار وراءنا، بالرغم من أنه جائز استنادا إلى نص المادة 68-1 من الدستور وهو ما كان مطروحا بقوة لدى أوساط حكومية وبرلمانية وكان هناك من يعمل على توظيف أزمة كورونا للترويج له وكمبرر لاستحالة إجراء الانتخابات لكي يكون التمديد خيارا واقعيا.
مستقبل المجلس الحالي والحكومة الحالية سواء في خيار حل المجلس قبل الانتخابات وبالتالي استقالة الحكومة أو استمرارها ليسلم المجلس التاسع عشر وبالتالي بقاء الحكومة التي ربما تتقدم ببيان ثقة للمجلس الجديد في حال تكليف رئيسها مرة جديدة ما يزال غير واضح. ويبدو أن الخيارات متساوية في الحالتين حسب ما يقول بعض المختصين بالقانون الدستوري سواء في حالة الاستمرار أو الرحيل، وهي رهن لتقدير صاحب الإرادة جلالة الملك الذي يملك الحق الدستوري.
في تاريخ العمل البرلماني حدث مرة واحدة أن سلَّم مجلس نواب قائم لمجلس نواب جديد. فقد جرت انتخابات مجلس النواب السادس في العام 1961 بينما كان مجلس النواب الخامس قائما وهو المجلس الذي استمر خمس سنوات لأنه أنهى مدته وتم التمديد له سنة واحدة. لكن المفارقة أن مجلس النواب السادس حُل بعد أقل من عام واحد وكان ذلك في عهد الحكومة الأولى للشهيد وصفي التل.
الهيئة المستقلة للانتخابات تعاملت فورا مع الإرادة الملكية بإجراء الانتخابات وحددت يوم الثلاثاء الموافق العاشر من تشرين الثاني لإجرائها. وهذا يتناسب مع المدة التي حددها الدستور لذلك بعد مائة وخمسة أيام من صدور الإرادة الملكية بالدعوة لإجراء الانتخابات.
اختيار الموعد في الثلث الأول من تشرين الثاني من هذا العام يتطابق مع ضرورة إنجاز الانتخابات والإعلان عنها في الجريدة الرسمية بحيث تنعقد الدورة العادية قبل نهاية الشهر ذاته وكما نصت الفقرة الثالثة من المادة 73 من الدستور، لأنه في حال التأجيل حتى الأول من كانون الأول سيعني ذلك انعقاد دورة غير عادية وهي حالة غير مفضلة ولم تحصل إلا مرة واحدة في المجلس السابع عشر والذي افتتح بدورة غير عادية حيث أكمل ذلك المجلس خمس دورات من عمره.
بصدور الإرادة الملكية بإجراء الانتخابات وتحديد موعدها من قبل الهيئة المستقلة للانتخابات لم يعد مهما البحث في مستقبل مجلس النواب الحالي الا من زاوية صدور إرادة ملكية بحله خلال الأيام أو الأسابيع القادمة التي ستنعكس بالضرورة على مستقبل الحكومة الحالية وأغلب التقديرات أننا نقترب من ذلك بشكل كبير.
من اليوم ستدخل البلاد بورشة انتخابية كبيرة تحتاج من الجميع العمل على إنجازها وإنجاحها بالرغم من الإحباط العام من الأداء البرلماني، ولكن لا بد من النظر لنصف الكأس المملوء والرهان على أن رفع نسبة المشاركة والانتخاب بعيدا عن الانتماءات الضيقة كفيل بتجويد المنتج البرلماني ووصول من يستحق تمثيل الناس.
الغد