بالطبع لا اقصد هنا ما قصده الشاعر ابو الطيب المتنبي قبل عشرة قرون، حين استذكر خلانه واصحابه عند قدوم العيد عبر قصيدة كان مطلعها:
عيدٌ بأَيةِ حالٍ عدتَ يا عيدُ
بما مضى أَم بأَمرٍ فيكَ تجديدُ
أَما الأَحبةُ فالبيداءُ دونهمُ
فليتَ دونكَ بيداً دونها بيدُ
ولكن ما اقصده حديث العهد، منذ سنوات طويلة مضت ، ونحن نشهد العيد شكلا او عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على هيئة تغريدات، نبارك فيما بيننا، ونتبارك بالعيد، دون مضمون وبهجة وفرح،
هذا الغياب الوجداني للعيد هو الاساس الذي من اجله جاءت فلسفة العيد، لتفرح النفس وتبتهج باستكمال الطاعات التي توجت بالعيد، ولتفرح الامة مجتمعة كفرح يجمعها على الخير والمحبة والعطاء والمجد، ولتجد كل اسرة لمة يفرحون بها، وليصنع كل عضو فيها فرحة يجمع بها الاصدقاء ويفرحون سوية بمجبة وصفاء وبهجة.
غياب العيد بمعانيه وفلسفته في النفس والاسرة والمجتمع والامة، له دلالات ومعاني كثيرة، يمتزج فيها بعض قليل من الفرح ، والكثير من الاحباط والانكسار والخوف من المجهول وعدم الاستقرار وضيق الحال وسطوة الفساد والاستبداد..
لسنا هنا، في هذه المقالة العجالة، في معرض الاحاطة باسباب غياب العيد، ولا بالتشريح والتشخيص بقدر ما نحن بصدد تسليط الاضواء على حال، كنا فيه نبتهج بالعيد، ونجد هذا العيد في كل الاعمار، وكل جنبات المكان والزمان والوجدان، واصبح عيدنا المغيب يصلح وصفا لحالنا من الفرد الى الاسرة الى الامة..
يكفي ان نشاهد نشرة اخبار ، ونوزن فيها الدماء المسفوكة، ونمعن النظر في حجم الخلافات والصراعات والمنازعات والاقتتال، لنعرج بعد ذلك على البطالة والفقر وسوء توزيع الدخل والمحاسيب ، وتكدس الثراء بيد القلة، والفساد وسطوة الجلاد..
متى يعود العيد من الغياب ؟ وتبتهج النفوس وتفرح كما كانت، رغم بساطة الحياة في حينها، ومحدودية الدخل، الا ان العيد كان فيها مكتمل الاركان وله بهجة ومعان سامية كبيرة من الفرد الى الاسرة الى الوطن..
drmjumian7@gmail.com