شـعار الوحدة جذاب، ويحمل معاني إيجابية في أذهان الجميع، ولكن الوحدة بين الأردن وفلسطين أو ما تبقى منها ليست سـابقة لأوانهـا فقط، بل مرفوضة جملـة وتفصيلاً، باعتبارها مؤامرة لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن من جهة، ومؤامرة لحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في العيش في دولة مسـتقلة ذات سـيادة على ترابه الوطني من جهة أخرى.التعليقات الإسرائيلية، وتقويل المسؤولين الأردنيين ما لم يقولوه، وتعليقات بعض الصحف الأميركية التي ترى في الخيار الأردني الحل العملي الوحيد، واسـتطلاعات الرأي التي تقيس مشـاعر الفلسطينيين الإيجابية تجاه الأردن، كلها مؤشرات تنذر بالخطر، ويجب أن تؤخذ مأخـذ الجد، فالأردنيون قد يكونون جاهزين للاتحاد مع أي بلد عربي إلا فلسطين.
تركيز القيادة الأردنية على إعطاء المبادرة العربية دفعـة إلى الأمام لا يجوز أن يفسـر بأنه تمهيد لتحمـل الأردن تبعات الحل للقضية الفلسـطينية بغير قيام دولة فلسطينية مسـتقلة. ولقاء العقبة الذي شمل من يوصفون بنشطاء سـلام إسرائيليين وفلسطينيين وأردنيين، فسـر أيضاً بأنه يمهد لأخـذ الأردن على عاتقه الخروج من المأزق الحالي، مع أن السلام المنشود أردنياً هو تحقيق المبادرة العربية وإقامة الدولـة الفلسطينية المسـتقلة في الضفة والقطاع، عاصمتها القدس العربية.
حتى بعد قيام دولة فلسطينية مستقلة، فإن حديث الوحدة قد يكون واردأً من الناحيـة النظريـة فقط، شـأن الوحدة مع أي بلد عربي آخر، ولكن ذلك يظل مشـروطاً بإرادة الشعبين، وإذا كان الشعب الفلسطيني يرزح تحت أسـوأ احتلال عرفه التاريخ، فإنه قد يكون على اسـتعداد لقبول أية صيغـة تخرجه من وضعه المأساوي الراهن، لدرجة أن بعض قادة الرأي الفلسطيني طالبوا إسرائيل بضم الضفة والقطاع، ولكن إسرائيل رفضت هذا الحل لأسباب عنصرية. أما الشعب الأردني فلا يعيش ظروفـاً لا تطاق حتى يقبل بخلـط الأوراق، فهو يتحول بسرعة إلى نمر آسيوي يزدهر فيه الاقتصاد، ويتمتع بعلاقات دولية متميزة، وهو واحـة أمن واستقرار، وفي غنى عن استيراد أوضاع وفصائل وخلافات الضفة والقطاع.
ffanek @ wanadoo.jo