الإصلاح يبدأ وينتهي .. سياسيا
شحاده أبو بقر
27-07-2020 05:11 PM
الإصلاح من سنن الحياة التي نادت بها سائر الشرائع الدينية والدنيوية "إن أريد إلا الإصلاح ما إستطعت وما توفيقي إلا بالله". ولهذا كتبنا مرارا وتكرارا بأن لا إصلاح إقتصاديا إجتماعيا وفي جميع مفاصل الحياة العامة, إلا عبر إصلاح سياسي كامل شامل.
وبعد: بلدنا ومنذ سنوات في ضائقة وشعبنا صابر ويتحمل حرصا على وطنه وتجنبا لإنزلاقه لا قدر الله نحو الفوضى التي خربت وأنهكت وما زالت تفعل, البلاد والعباد في دول شقيقة عديدة, ونحمد الله كثيرا على سلامة أردننا الغالي ونسأله تعالى أن ننجو من كل شر.
والله جل جلاله يدعونا قبل الدعاء إلى ألأخذ بالأسباب كي يجيب الدعاء, "إجعل مع دعائك شيئا من القطران", فما هي الأسباب في حالتنا وكيف يكون الإصلاح الذي نرى فيه نجاتنا وسلامة بلدنا مما يحيق به من مخاطر وتحديات!.
(1): الذهاب ودونما إبطاء إلى إنتخابات نيابية حرة نزيهة تفرز نواب وطن لا نواب خدمات تجريها حكومة سياسية رشيقة تمثل كل الأردن وتتشكل من شخصيات وازنة لها حضورها السياسي الإجتماعي وطنيا وتحظى بثقة أغلبية الشعب وبمقدورها مخاطبة الناس بصوت مقنع وبأسلوب مختلف نابع من ثقافتنا الشعبية الوطنية الراسخة.
(2): يتولى البرلمان الجديد وبغرفتيه الأعيان والنواب مهمة تدارس ومناقشة الأوراق النقاشية التي سبق ودفع بها جلالة الملك للنقاش العام برلمانيا وحزبيا ونقابيا ومن قبل مختلف الهيئات التمثيلية والشعبية وسوى ذلك من القوى المجتمعية , وعلى مدى عام كامل تترجم تلك الأوراق فيه إلى تشريعات سياسية وإقتصادية وإجتماعية جديدة ناظمة للعمل العام ولمجمل الحياة السياسية في الدولة , بحيث تستخلص منها إستراتيجية وطنية شاملة تتناول مختلف تفاصيل العمل العام ولمدة خمس سنوات قادمات على الأقل.
(3): أنا أتحدث عن عام وأربعة شهور منذ الآن لا بد وأن تشهد إلى جانب تدارس الأوراق النقاشية الملكية من جانب البرلمان , ولغايات إخلاص النية في الإصلاح , ما يلي .
(أ): تشكيل مجلس أعيان فاعل مطابق لدستور الدولة من حيث إختيار أعضائه بإعتبار أن العين شخصية وفاعلية عامة معروفة ومعرفة مجتمعيا.
(ب) حل عادل ووطني وشامل لقضايا المتعثرين والمدينين والغارمين والغارمات وللعمل النقابي المهني وبأساليب تظهر فيها الحكومة ومراكز القرار بإعتبارها " الأب " وللجميع , تنصح وتوجه وتثيب وتعاقب ومن أجل الوطن ومصالحه العليا ومجموع الشعب ومصالحه العامة .
(ج) إجراء تسويات شاملة لقضايا الفساد والتهرب الضريبي والجمركي تتولى إجراءها حكومة الإنتخابات لإستعادة أموال كثيرة لصالح الخزينة العامة في وقت قياسي من حيث سرعة الإنجاز عوضا عن المحاكمات الطويلة وما يخالطها من إتهامات وتشكيك وإشاعات أنهكت مجتمعنا وشوهت صورة بلدنا كثيرا .
(د) إقامة مشروعات تشغيلية إنتاجية كثيرة في سائر محافظات الوطن وللفتيات تحديدا خاصة وأن أرقام ديوان الخدمة المدنية تقول بأن 75 بالمائة من منتظري الوظائف هم من الفتيات الخريجات , ومشروعات غيرها للشباب من مثل .. إنتاج الأغذية المصنعة ومواد التنظيف والتعقيم والألبسة وكل ما يحتاجه البيت الأردني من متطلبات . وهذه مشروعات قليلة الكلفة ويمكن تغطية إقامتها سريعا وفي كل الأردن بمائتي مليون دينار مناصفة بين القطاع العام والقطاع الخاص الذي يحتفظ بأربعين مليارا دينار في بنوكنا وبمليار دولار في بنوك لبنان الشقيق وعلى سبيل المثال لا الحصر ! .
(4): بعد الإنتخابات النيابية يحسن حل المجالس البلدية ومجالس اللامركزية وإعادة النظر في قانونيهما لجهة إلغاء المجالس المحلية في المناطق البلدية والإكتفاء إما بعضو أو عضوين فقط لكل منطقة , وإعطاء المجالس اللامركزية صلاحيات أوسع , والنظر في إشتراط " شهادة جامعية " لأعضاء البلديات واللامركزية حتى لو تطلب ذلك تعديلا دستوريا , بإعتبار أن العمل في هذين المجالين فني خدماتي أكثر منه إداري.
ختاما الإصلاح يبدأ وينتهي سياسيا لتبدأ المتابعة والمراجعة والتقييم بعد ذلك . وحديث الإصلاح يطول لكنني أكتفي بما سبق كقاعدة للتفكير مؤسسيا , على أن يتم إعلانه رسميا وعلى أعلى المستويات كي يعرف الناس ماذا سيجري في بلدهم لعام قادم على الأقل , فالغموض مضر وقاتل ويفتح بابا لا بل أبوابا مشرعة للفراغ الذي تدخل منه حمى الإشاعات والتكهنات والإتهامات.
أسأل الله السلامة لوطننا بكل من فيه وما فيه , وأرفض سلفا أية مزايدة من أي كان , فمن أحب الأردن وخدمه وما زال وإعتبره بيته الذي يجب أن تدارى عوراته وأن تعالج داخل البيت لا على الشاشات , وفي الظل لا بحثا عن شهرة ومنافع أكثر مني وعلى مدى عقود , فليرمني بسيفه إن إستطاع !. الله جل في علاه من وراء قصدي.