تحت كل الظروف يفترض ان نبقى جميعا منحازين الى كل عون وتكريم يقدم الى عائلات شهداء الجيش العربي والاجهزة الامنية، ليس سعيا لامتيازات وأموال بل حتى نحافظ على القيم الكبرى في حياتنا؛ فالشهيد ليس موظفا متقاعدا يتم التعامل معه فقط بموجب نصوص القانون، بل حالة وطنية ونموذج تدرس سيرته لأجيالنا، والدولة التي تكرم شهداءها عبر رعاية عائلاتهم تكرم قيم الرجولة والتضحية وتقدم تقديرا لقيم الوطنية والمواطنة, اما الدول التي تسرف وتبالغ في تدليل اصحاب الانجازات الشكلية فإن لديها مشكلة في منهجية التفكير.ولأن الشهيد ليس موظفا متقاعدا, وجنديا خارج الخدمة كانت المبادرة الملكية امس بشمول عائلات شهداء الجيش والاجهزة الامنية الذين لم يستفيدوا من خدمة الاسكان العسكري بهذه الميزة عبر منحٍ تقدم لعائلاتهم، بحيث تعطى عائلة الشهيد الضابط 20 ألف دينار و7.5 ألف دينار لعائلة الشهيد من الافراد وضباط الصف، وشملت هذه المكرمة 1697 عائلة شهيد وبكلفة تصل الى 14 مليون دينار.
هذه المبادرة تقدم لعائلات الشهداء حقا ناله افراد وضباط الجيش، اي توفير ما يمكن ان يساعد في توفير السكن للأب والام او الزوجة والابناء، وبغض النظر عن قيمة الاسكان فإن المبادرة تمثل قناعة بضرورة انصاف وتكريم فئة الشهداء عبر رعاية عائلاتهم، وتستجيب لحق هذه الفئة، فما نحتاجه ان يكون المسؤول على قناعة ان هذا التكريم والرعاية ضرورة وواجب، ومن المهم ان تشعر عائلات الشهداء وكذلك العاملون في القوات المسلحة والاجهزة الامنية ان صاحب القرار معني بالتفكير بطرق تكريم الشهادة والشهداء.
وما دمنا في يوم الشهداء فإن من الضروري ان تبادر الجهات المعنية الى إلغاء الحالة غير السوية التي تحصل فيها زوجة الشهيد على راتب لا يصل احيانا الى 50 دينارا، فما دامت قوانيننا منحت النائب تقاعدا وزاريا بخدمة اقصاها 4 سنوات وكذلك عضو مجلس الاعيان، وأعطت للوزير تقاعدا كبيرا بخدمة قد لا تصل احيانا الى بضعة اشهر فلماذا يعجز القانون عن انصاف زوجات الشهداء وفئات اخرى، ومرة ثانية نشير الى ان الشهيد ليس موظفا متقاعدا ليتم التعامل معه بنص قانون قد لا يكون منصفا، وكيف نغني للشهداء بينما زوجته لا يصلها راتب يكفي ثمن خبز.
وأذكر قبل عام او اكثر ملاحظة ذكرتها وذكرها آخرون عن ضرورة توفير طريق كريم لإكرام الشهداء، فلا يتم الاعلان في الصحف لعائلات الشهداء من الامن العام مثلا لتراجع المراكز الامنية لتسلم اكرامياتها السنوية، والأَولى ان تجري عملية التكريم باحتفال مركزي في عمان او عبر احتفالات في كل محافظة برعاية مدير الشرطة هناك بدلا من ان يتم الاستدعاء عبر الصحف والتسليم في المخفر, قد يرى البعض هذه شكليات, لكن ماذا لو دعي احدنا الى مأدبة وقُدم إليه الطعام بشكل غير منظم او في أوانٍ غير مناسبة ألن يستفزه ذلك؟!
وربما من المناسب ان نذكّر بالقانون الذي تم تعطيله في حكومة السابقة بإصرار من بعض رؤساء الجامعات الرسمية على تجاهله والخاص بتأمين الدراسة لأبناء الشهداء والمصابين من ابناء القوات المسلحة، ورغم كل الرسائل والمذكرات التي ارسلها هؤلاء الابناء وآباؤهم الا ان هناك استمرارا لتجاهل هذا الحق الذي كفله قانون صدور منذ عام 1959.
سيبقى الشهداء ملح هذه الارض، وستبقى مؤسستنا العسكرية الجبل الراسخ الذي يحفظ للوطن هويته واستقراره ومحددات نموه، ومن يقدم روحه اكراما لربه ووطنه لا يمكن ان نرد جميله او نكافئه.. لكنه التقدير.
sameeh.almaitah@alghad.jo