سقطت القدس بيد الاحتلال منذ ستين عاما ، واذا كان العرب قرروا نسيان النكبة والحديث فقط عن نكبة 1967 ، وعن القدس التي احتلها اليهود عام 1967 ، متباكين على اطلالها منذ اربعين عاما ، فان ذات العرب لا يستحقون القدس ، لا يستحقون "درة المدائن" والا.. ما تركوها منذ ستين عاما بيد الاحتلال.
ليفسر لي البعض كيف يدعي العرب بكروشهم وانفاسهم اللاهثة وارصدتهم البنكية ، كيف يدعي هؤلاء الوصل مع القدس وقد تركوها وتخلوا عن اهلها طوال هذه السنوات ، والحفريات الاسرائيلية اليوم تنخر البلدة القديمة ، وحول المسجد الاقصى وتحته ، فيما الضرائب ومصادرة البيوت والاراضي في القدس ، عملية لا تتوقف ، ولا يرد العرب الا ببيان ناري او بتصريحات ساخنة لهذا المسؤول او ذاك ، واليهود يعرفون ان العرب كذابون فيسمحون لنا والحمد لله على ذلك بحق الكلام وكتابة القصائد وطباعتها في كتب انيقة ، وهم يعرفون ان القصيدة لا تحرر وطنا ولا تعيد مدينة كالقدس.
منذ ستين عاما والعرب منشغلون بحرائر النساء وبتصريف العملات وبيع النفط والسفر الى اوروبا بحثا عن المحظيات وربما الغلمان في حالات اخرى ، واذا كانت الطائرات العربية تمر قرب القدس او فوقها او فوق سماء البحر المتوسط فان العرب يكتفون باسدال نافذة الطائرة حتى لا تذكرهم قبة الصخرة وقبة المسجد الاقصى بحقيقتهم او تناديهم لتذكرهم بما هم فيه ، والعربي ينفق اليوم عشرات المليارات سنويا على فواتير الاتصالات وعشرات المليارات على التدخين في العالم العربي وعشرات المليارات على شراء اسلحة لتكديسها في المخازن او لحماية الانظمة او للاستعراضات العسكرية الشكلية ، لكنه لا يقدم قرشا للقدس ويتركون اهل القدس وقد غرقوا تحت سيف الضرائب ، ولو اعتبر العرب ، القدس ، محظية مثل محظياتهم في اوروبا لاغدقوا عليها مالا ولؤلؤا وحريرا ، غير ان كثيرين بلا شرف ، فتركوا القدس بيد الاحتلال ، وامتطوا صهوات الهوان والذل ، فلا ذكورة الا في الصوت الاجش والشوارب وفي يفعله البعض مثل كثير من الحيوانات ، ليس اكثر.
قبل ان نتهم العالم والغرب واليهود بوجود مؤامرة ، وهي موجودة فعلا ، علينا ان نسأل انفسنا عما قدمنا للمدينة المحتلة في ذكرى سقوطها ، فاذا كان العرب قد انقلبوا على "الاسلام" من الداخل ، وتناسوا كل الحقائق الربانية بخصوص المدينة المحتلة وانها اولى القبلتين وغير ذلك ، فان المدينة تطلب النخوة من غير اهلها ، فرئيس وزراء عربي خليجي يشتري شقة في لندن قبل شهر ونصف بمائتي مليون دولار ، وهو المبلغ الذي يسدد الضرائب ، على منازل القدس واراضي القدس واهل القدس لسنوات ، وربما يؤمن لهم رواتب وهم في بيوتهم من اجل ان يتناسلوا ويتكاثروا ولسنوات ايضا.
للبيت رب يحميه ، غير ان العالم العربي خان الامانة ، وهي الامانة السماوية وقالوا لاهل القدس "اذهبوا انتم وربكم فقاتلوا" انا مشغولون بأموالنا وجوارينا وحفظ انظمتنا وكراسينا ، واذا كانت القدس قد لقيت كل هذا الخذلان من العربنفما بالنا اذن لو احتلت عواصم اخرى ومدن اخرى ، ولنا في بغداد انموذج يحكى عنه الكثير.
الى حبيبتي في ذكرى سرقتها مني ومن كل عربي شريف ، اقول.. ان صباحات الاحتلال البغيضة لا بد زائلة ، وان وعد الله حق ، وان عليها ان تعرف ان سنوات الصبر لن تذهب هدرا ، وان الله عز وجل سيرسل لها من يخلصها من يد اللصوص وشذاذ الافاق ، وان مصيبتها ليست في من سرقها وحسب ، وانما ايضا في من ادعى الوصل بها ، فتركها وحيدة بل وساوم عليها سرا وعلنا ، باعتبار ان المساومة على الشرف فضيلة في هذا الزمن الغريب والعجيب.