عادت تلوذ بالبكاء ، وتختبأ خلف جدرانه الصادقة ، عادت تبوح إليه ما عجزت عن بوحه لغيره ....
خذني أيها البكاء إلي ، دعني أضع على أعتاب حضورك أعباء ذاكرتي المثقلة ،فقد أعياني ثقلها ، أريد أن أشعر بالخفة ....
أنت من لا يباغتني بالنصح ،أنت من لا يثرثر على سمعي تعاليم جافة ، وكأنك تعلم كم أكره الخطابات المباشرة التي تفترض مسبقا أن البشر قوالب جاهزة دون النظر لآدميتها .....
دعني منك الآن أيها البكاء ،فلقد أخطأت التوقيت وجئت على غير موعد .....
ألم أخبرك مرارا أني أنتشي بخلوتي بك ،وأتلذذ بمواعيدك الانفرادية .
.....
أغار عليك من عيونهم ، من كلامهم ، وحتى من عدم اكتراثهم .......
أريدك لي وحدي ، فلمَ أعلنت حبنا أمامهم ؟؟؟ ألم تعلم أن الحب إذا ذاع ضاع ؟؟؟!!!!
من أين لي الآن بقدسية سرِّك التي كنتُ أغسلُ على أبوابها أدناس روحي ؟!
أحببتك ظلاً ، خيالاً ، وهماً ......
وكنتُ أواريك عن العيون ، وها أنت اليوم تخلعُ سترك ، وتطرحُ ثياب ظلالك ، لتبدو حقيقةً كما الجميع ..........
ويحك ، ألا تدرك أنَّ الحقائق مشوهة ؟!!
والتي لم تتشوه بعد فهي في طريقها إلى التشويه ، لتصبح مسخًا مكرراً ......
أمَّا الآن وغد غدوت مثلهم فلم يعد يغريني اللقاء بك ، سأبحث عن نديمٍ آخر .......