الجانب المظلم من الثقافةد.محمد عدنان الحموري
26-07-2020 02:44 PM
على الرغم من وجود تفاوت واختلاف في تعريف الثقافة إلا أنها تتشابه في المضمون الذي ينص على ان الثقافة هي نظام يتكون من مجموعة من المعتقدات والإجراءات والمعارف والسلوكيات التي يتم تكوينها ومشاركتها ضمن فئة معينة، وتحوي مجموعة من السمات التي تميز مجتمع عن الآخر، ويندرج تحت إطارها المعتقدات والأعراف الدينية والعادات والتقاليد والموسيقى وغيرها الكثير، وتأثر الثقافة بشكل عام على جميع نواحي الحياة منها الاقتصادية والاجتماعية والدينية، وهنا سأستعرض مثال بسيط لتأثير الثقافة على عالم الاقتصاد والأعمال وكيف أثر على عملاق البيع بالتجزئة شركة والمارت الامريكية، حيث تعد اكبر شركة في العالم من حيث حجم المبيعات وعدد الموظفين حيث تتجاوز مبيعاتها السنوية حاجز 500 مليار دولار امريكي (2019) ويعمل لديها اكثر من 2.3 مليون موظف. وهنا ساتطرق الى بعض الحقائق البسيطة عن الشركة مثل ان الشركة لها العديد من المتاجر التجارية التي تبلغ مساحتها أكثر من 10,880 ملعب كرة قدم، وتخسر محلات والمارت اكثر من ٣ مليار دولار سنويا من السرقة، وتحقق الشركة ارباح يومية تعادل 1.8 مليون دولار، ويزور متاجرها يوميا 37 مليون زبون، وحالها حال كل الشركات قررت ان تتوسع في الأسواق العالمية للحصول على حصة سوقية أكبر، لذا قررت الدخول الى السوق المكسيكي والكندي والصيني وغيرها الكثير، وفي غضون عدة سنوات سيطرة على السوق المكسيكي تحت اسم (Walmex) واصبحت من اكبر الشركات في المكسيك، حيث استخدمت الشركة نفس استراتيجيتها المتبعة في الولايات المتحدة الأمريكية وهي مجموعة تضم عناصر متعددة منها، توفير أسعار مخفضة للمستهلكين، والدخول عبر الاستحواذ على اكبر الشركات في البلد التي تذهب اليه، وتعيين المدراء في الوظائف العليا من امريكا بالكامل، والعديد من العناصر الاخرى التي تركز عليها الادارة في والمارت. لذا بعد نجاحها في اسواق عالمية مختلفة قررت الدخول الى الاسواق الاوروبية لما تتمتع به من سمعة جيدة وحجم سوق كبير وقدرة شرائية عالية، فدخلت السوق الألماني في عام 1997 عن طريق الاستحواذ على شركتين المانيتين كبيرتين ومعروفتين للمستهلك الالماني، الأولى تسمى (Wertkauf) بمبلغ 750 مليون دولار والشركة الأخرى (Interspar) بمبلغ 1.3 مليار دولار، واستخدمت الشركة نفس الاستراتيجية التي نجحت فيها في الولايات المتحدة الامريكية والكثير من الأسواق العالمية في ادارتها لمتاجرها، ولكن واجهت الشركة مشكلة حقيقية في هذه الاستراتيجية في ألمانيا، حيث تبين ان المستهلك الألماني والموظف الألماني لا يمكن التعامل معهم بنفس الطريقة المتبعة في الدول الاخرى، وما زاد الطين بله ان الشركة ضربت بعرض الحائط اختلاف الثقافات بين المجتمع الالماني والمجتمع الامريكي وقامت بتعيين مدراء أمريكيين كما قامت بفرض اللغة الانجليزية كلغة رسمية في الشركة متناسية ان المجتمع الالماني له خصوصيته وانه مجتمع معتد بحضارته وقيمة ولغته، لذا فشلت اكبر شركة في العالم في فهم هذا المجتمع وثقافته ونتيجة لذلك خرجت شركة والمارت من السوق الالماني في عام (2006) محققة خسارة ثقيلة بأكثر من مليار دولار. بسبب عدم ادارك اهمية احترام وفهم الثقافة في المجتمعات الأخرى. |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة