هذا وقد اثارت خطة ضم مناطق من الضفة الغربية للكيان الصهيوني ردود فعل عالمية ودولية واسعة النطاق كانت في معظمها رافضة وشاجبة لهذا الطرح .

فقد دعا انطونيو غوتيريش الامين العام للامم المتحدة الحكومة الإسرائيلية الى التخلي عن مخططها الرامي لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية ومنطقة الاغوار واصفاً اللحظة بأنها حاسمة . وحذر في بيانه امام الجلسة التي عقدها مجلس الامن عبر دائرة تلفزيونية مغلقة حول الشرق الاوسط من ان تنفيذ اسرائيل للضم يشكل انتهاكاً بالغ الخطورة للقانون الدولي ومن شأنه ان يضر بشدة بجهود إعادة أستئناف مفاوضات السلام ونجاح حل الدولتين وشدد على اهمية دعوة الحكومة الإسرائيلية للتخلي عن خططها الخاصة بالضم . واشار الى ان تلويح إسرائيل بالضم أثار مخاوف الفلسطينيين والعديد من الإسرائيليين والمجتمع الدولي بأسره . وقال ان زيادة الهشاشة الاقتصادية نتيجة جائحة كوفيد 19 وانخفاض دعم المانحين والقرار الفلسطيني الاخير بالتوقف عن قبول عائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل بالنيابة عن السلطة الفلسطينية يزيد من خطر معاناة الشعب الفلسطيني .

وحث القادة الإسرائيليين على الإلتزام بالحوار الهادف بدعم من المجتمع الدولي داعياً اللجنة الرباعية للشرق الوسط الى الاطلاع بدور الوساطة وأيجاد اطار يتفق عليه الطرفان لإعادة الجانبان الى الإنخراط معاً ومع دول رئيسية اخرى ودون شروط مسبقة .

ومن جانبه ابلغ المنسق الخاص للامم المتحدة لعملية السلام في الشرق الاوسط نيكولاي ملاديتوف اعضاء مجلس الامن بأن المداولات بشأن الخطط الإسرائيلية ادت الى وصول الصراع طويل الامد الى منعطف حرج ، وان الضم يمكن ان يغير بشكل لا رجعة فيه طبيعة العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية على مدى ربع قرن من الجهود الدولية لدعم دولة فلسطينية قابلة للحياة في المستقبل تعيش بأمن وسلام واعتراف متبادل مع دولة إسرائيل .

واشار الى ان التهديد بضم أجزاء من الضفة الغربية من جانب واحد سيرسل رسالة واحدة مفادها انه لا يمكن للمفاوضات الثنائية ان تحقق السلام العادل . ودعى اعضاء مجلس الامن الى الإنضمام لدعوة الامين العام للامم المتحدة وإعادة الأنخراط الفوري ودون شروط مع اللجنة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة بالاشتراك مع القيادة الفلسطينية واسرائيل ودول المنطقة لإيجاد مخرج للأزمه الراهنة .

كما اعرب اعضاء الاتحاد الاوروبي في مجلس الامن ( فرنسا والمانيا وبلجيكا وأستونيا وأيرلندا ) عن قلقهم العميق بشأن خطوة الحكومة الإسرائيلية بخصوص موضوع الضم ، وان اي قرار أحادي بهذا الاتجاه سيكون له نتائج سلبية على امن واستقرار المنطقة .

وقد صرح جوزيب بورلي الممثل الاعلى للامن والسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي في مؤتمر صحفي عقد عقب إجتماع وزراء خارجية الدول الاعضاء في الاتحاد بتاريخ 15 / 5 / 2020 ان الاتحاد سيستخدم كل وسائل الدبلوماسية وسيتصل مع كل الاطراف بما في ذلك الإسرائيليون والفلسطينيون والشركاء العرب لتفادي اي ضم ، مشدداً على تجنب اي عمل أحادي وضرورة تجنب أي محاولة من إسرائيل لضم ارضٍ من الضفة الغربية المحتلة واحترام القانون الدولي في كل مكان وعدم تطبيقه بشكل انتقائي .

وقد ناقش وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي آفاق العمل المستقبلي لإيجاد حل للصراع في الشرق الاوسط وبلورة موقف اوروبي واحد للرد على مخططات الضم . وقد وافقت على بيان الاتحاد هذا خمسة وعشرين دولة من اصل سبعة وعشرين اعضاء في الاتحاد ،حيث عارضته كل من النمسا والمجر الذان يتبنيان المواقف الإسرائيلية ويدافعان عنها . الا ان المحللين لا يتوقعون اتخاذ إجراءات عقابية من قبل الاتحاد اذاء إسرائيل وان كان من المتوقع بأن تقوم بذلك بعض دول الاتحاد مثل اعلان اعترافها بالدولة الفلسطينية .

وقد وقع 1080 برلمانياً اوروبياً من خمسة وعشرين دولة اوروبية عضواً في الاتحاد الاوروبي على عريضة تعارض بشدة خطط اسرائيل لضم مناطق من الضفة الغربية منهم 240 نائباً بريطانياً ، مطالبين بتوقيع عقوبات على اسرائيل اذا اقدمت على ذلك والاعتراف بالدولة الفلسطينية واعتبار ذلك تكفيراً عن وعد بلفور

وقد ابدت العديد من الدول الاوروبية عدم موافقتها على خطة الضم الاسرائيلية ومنها بريطانيا حيث اوضح وزير الدولة البريطاني المكلف بالشرق الاوسط وشمال افريقيا جيمس كليفيرلي موقف بلاده الرافض لمخطط الضم الإسرائيلي لأن ذلك سوف يجعل تحقيق حل الدولتين أمراً مستحيلاً ، وابلغ هذا الموقف لرئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه وقال له سنعمل معكم ومع كل الاطراف الاخرى من اجل تحقيق السلام في المنطقة .

كما طلبت روسيا من إسرائيل العدول عن فكرة الضم وان هذه الخطة تثير قلق موسكو وأنه أجراء افرادي يتنافى مع القانون الدولي ويجعل من المستحيل ان تكون المناطق الفلسطينية قابلة للعيش فيها مستقبلاً

اما المانيا فأن وزير خارجيتها هايكو ماس عبر اثناء زيارته لإسرائيل عن قلق بلاده من تنفيذ عملية الضم وان بلاده تدعم حل الدولتين .
كما ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والبريطانيي بوريس جونسون والاسباني بيدرو سانشيز ورئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي اصدروا تصريحات مشابهة لذلك .

كما اعلن مجلس الشيوخ البولندي والبرلمان البلجيكي بأن الخطة الإسرائيلية مرفوضة وحتى الدول المناصرة لإسرائيل في الاتحاد الاوروبي والتي عارضت اتخاذ إجراءات عقابية من قبل الاتحاد الاوروبي ضد اسرائيل قدمت نصائح للحكومة الإسرائيلية بأن توقف مشروع الضم كونه يحرجهم امام العالم

بالاضافة الى الكثير من دول العالم وبرلماناتها التي اعلنت مواقف مشابهة لذلك .

كما دانت حركة عدم الإنحياز في مقر الامم المتحدة في بيان صادر عن مكتب التنسيق للحركة الشهر الماضي خطط أسرائيل لضم أجزاء واسعة من الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية .

ولكن يبقى من الضروري على السلطة الفلسطينية والاردن ادامة الاتصال مع دول العالم لتفعيل موقفهم المعارضة والمنددة بالضم حيث انه وفي النهاية لا يمكن الركون الى ما تم التصريح به من قبلها فأن هذه الدول تبحث عن مصالحها الخاصة ويجب ان نعمل على اقناعها بأن مصالحها هي معنا ومع معارضة الضم .

يتبع الحلقة الرابعة عن الموقف العربي