للادراك البشري مدى كبير من المرونة في معالجة المتناقضات واعادة صياغتها، ليكون اكثر تقبلا، هذا ما يقوله الفيلسوف ميلغرام، لكن الظرف الموضوعي وحده قادر على تغيير زوايا الاتجاهات في اطار منظومة العمل او المنظومة العائلية او حتى منظومة الحكم، لذا يصبح الفرد عندما يعمل بروح الرئيس الوكيل، الذي يوكل امره لرئيسه ويستجيب لاوامره في اطار المنظومة الوظيفية التي تختزل الابداع لصالح البقاء وبينما يبدع الفرد في ايجاد مسوغات ومبررات لافعاله المتناقضة مع القيم الانسانية او كل الاعراف الاجتماعية بدعوى تنفيذ اوامر السلطة والتي تحفظ بقاءه في المجموعة واستمرارية دوره الوظيفي.
لذا كان لابد من وجود خط فاصل بين اصحاب القرار ومنفذي القرار، من على قاعدة عمل تجعل منظومة العمل الاداري او حتى السياسي وحتى على مستوى بيت القرار العالمي، تمتلك ادوات اكثر مرونة لتحقيق نتائج افضل بحيث تحمل مساحات استجابة تجاه الحواضن الاجتماعية، حتي لا يقتصر الامر على الحوامل العلوية في الحماية او الروافع العليا في حمل الانظمة.
صحيح ان معادلة الحوامل العلوية في الحكم تعتبر احد الاشتراطات الرئيسية في الحفاظ على صيرورة المنظومة، هذا لان الانظمة لابد ان تبقى مرهونة للمنظومة التي تعتمد على الشرعية العلوية في التمكين بحيث تكون هذه الانظمة ملتزمة بفكرة الابتعاد على الروافع الشعبية التي إن تحققت، فانها ستزيد من تنامي العومل الذاتية ويتضاءل تاثير الروافع العلوية، وهذا ما لا تقبله منظومة عمل المجتمع الدولي في الحكم والتحكم، وهذا ما يمكن مشاهدته من حالة الاصطفافات الناشئة تجاه تنفيذ اشتراطات صفقة القرن او متابعة كيفية تنفيذ مشروعها.
فما هو مرفوض في الحالة القيمية او الوجدانية بات يمكن التفاوض حول وعلى كيفية تنفيذه في الواقع، فان البقاء مع المجموعة اسمى في التقدير، من الوقوف مع حالة القيمية مهما كانت، فان للاستمرارية مقتضيات تفرضها نظرية التنافر المعرفي.
(الدستور)