لم تكن زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني "حفظه الله" للواء الشوبك، وللبلدة الشوبكية - المعانية الجميلة التي تحتضن في كنفها 14 قرية ساحرة بطبيعتها الخلابة، ومناخها المعتدل الاحد المنصرم بتاريخ 21 تموز الجاري 2020 هي الاولى، فلقد سبقتها زيارة ملكية مماثلة ناجحة عام 2008 والهدف الملكي بكلا الزيارتين كما يتضح لي هو اعادة البناء والتدقيق بالبنية التحتية للواء الشوبك –
نسر الوطن، وفي اطار محافظة معان الشامخة ليعلو بنيان السياحة الوطنية المشتركة مع المثلث الذهبي الاردني المتميز المجاور، والذي يمثل العقبة ببحرها الاحمر المرجاني، ومدينة البتراء النبطية التاريخ والوردية والفريدة من نوعها في العالم، ووادي رم الفسيح الذي يشبه ظهر القمر.
وبهدف الاهتمام بالزراعة والصناعة الخفيفة الممكنة، وتمكين سيدات المجتمع الشوبكي من تسويق انتاجهن، ولتوجيه السياحة الخارجية لتأخذ الشوبك نصيبها منه , وهو واجب وطني بكل تأكيد ونفتخر به.
لقد عقد العزم جلالة الملك على النهوض بالجنوب الاردني ليتوازن مع الشمال ,وللاستفادة من البرنامج الحكومي " انهض" للمشاريع الصغيرة , ولتكرار زياراته الملكية الميدانية بين فترة زمنية وأخرى , كلما سمح وقت جلالته بذلك .و انا بدوري اثمن عاليا التوجه الملكي الميداني هذا المعزز للبناء منذ عهد مليكنا الراحل العظيم الحسين طيب الله ثراه , وعهد الملكين الراحلين السابقين في عمق تاريخ الاردن المعاصر ,طلال و عبد الله الاول . وفخور بالخطوة الملكية الجديدة , و هي بطبيعة الحال لا تشبه تصريحا لمسؤول اردني كبير في الشأن الوطني في عمان فقط , او زيارة لوزير في بلدنا لأحدى المحافظات لمرة واحدة من دون رجعة , وكأن جلالة الملك اراد ان يقول بأن العمل العام مسؤولية وطنية و مساءلة, و عمل دؤوب مستمر , ما دام الوطن ينبض بخيرات داخلية وافرة يمكن استثمارها بقصد الاعتماد على الذات في زمن الصعاب , و تراكمات الزمن الغابر, وغياب الوحدة العربية الحقيقية, الواجب ان تخصص صندوقا ماليا ثابتا لأسناد التنمية الشاملة في البلدان العربية الفقيرة اقتصاديا مثل الاردن .
و الاردن ايها السادة قلعة حصينة يتقدمها ملك شجاع , ويحميها جيش عربي مصطفوي - القوات المسلحة الاردنية الباسلة , و انسانها اردني شهم , متعلم , و مثقف . و اطلالة اردنية على اطول جبهة ساخنة مع القضية الفلسطينية العادلة , ومع اسرائيل الشريرة , ومن وسط معاهدة سلام اردنية - اسرائيلية وقعت عام 1994 تحت اشراف دولي . وجلالة الملك عبد الله الثاني يحمل على كتفيه , وفي فكره الهم الاردني الكبير , واول هذه الهموم , و التي تجاوزها الاردن بجدارة و تميز كانت جائحة كورونا COVID19 ,التي اجتاحت العالم ,ولا مست جوف و اطراف وطننا , و تم السيطرة عليها بحكمة قل نظيرها ,ووفق برنامج وطني محكم هدفه المحافظة على صحة الانسان الاردني , وعلى كل من يسكن الاردن من عرب و اجانب, ولخدمة المنطقة , و على اكثر من مستوى , وتم تشكيل غرفة عمليات خاصة بها قادتها لجنة الاوبئة المتخصصة , تحت اشراف حكومي , و بمتابعة حثيثة مباشرة من جلالة الملك الذي لازال يدعو من خلالها لنشر الوعي الوطني حولها , ونحن نسجل الان صفر كورونا , و احيانا نخرج عن النص بحالة واحدة . قال جلالة الملك عبد الله الثاني بتاريخ 9 حزيران 2020 " اذا لم نعمل بجدية ولم نلتزم بقرارات الدولة و اتباع الاجراءات المطلوبة . فأن اغلاق البلد من جديد هو اسوأ شيء قد يحدث خلال الاسابيع المقبلة . و شدد جلالته على اهمية عدم الاستهانة بتبعات كورونا , و الاعتقاد بأن الموضوع اصبح و راءنا , مشيرا الى ضرورة الالتزام بالنصائح ,و الارشادات, و التعليمات , وتكثيف التوعية الصحية . وهدف جلالة الملك هنا هو تسريع التعافي الاقتصادي الذي يشكل المرحلة الثانية اردنيا بعد الخلاص من كورونا .
و الشوبك محطة هامة ملكية , و احدى عتبات البناء الوطني المستمر , و المتجدد , وهي سلة خير الجنوب , و تلقب محليا ببلدة التفاح , و يحيط بها على شكل سوار قرى تتميز بجمال طبيعتها , وعطاء انسانها وهي تباعا ( نجل, والزبيدية, و المقارعية,و حوالة ,و الجهير ,وبئر خداد, و المثلث, و الفيصيلية,و المنصورة ,و بئر الدباغات ,والبقعة ,و الشماخ, و الحدادة ,و الزيتونه ) , اللهم زد و بارك . وكلها محتاجة لتحسين بنيتها التحتية حتى تغدو مقصدا وطنيا متميزا ,و للسياحة العربية و الاجنبية . وهنا اتحدث عن شمال غرب معان ,وعن سلسلة جبال اردنية ترتفع من 1120 الى1651 مترا . وقلعة الشوبك منارة الجنوب , و تاريخها ضارب في عمق التاريخ القديم من زمن الصليبيين ,و الايوبيين 1115 ميلادي .ومساحة الشوبك 640 كلم, و تعداد سكانها يزيد عن 12 الف نسمة , وموقعها الجغرافي استراتيجي و هام على مدخل مدينة معان , المكان التاريخي الذي استقبل ثورة العرب الكبرى المجيدة التي وصلتنا عام 1920 قادمة من الحجاز على يد شريف العرب و ملكهم الحسين بن علي طيب الله ثراه , وهدفت لبناء دولة الاردن , و توحيد بلاد الشام , و لتوحيد بلاد العرب .
ومن اهم الهموم التي يحملها جلالة الملك ايضا بأسم بلده الاردن , و شعبه الاردني العظيم , و شعب فلسطين الجبار الشقيق لنا , مشروع اسرائيل بضم الغور الفلسطيني المجاور لغور الاردن و شمال البحر الميت . و هو المشرع الذي نتمنى له ان يفشل بجهد جلالة الملك , و الاردن , و السلطة الفلسطينية , و اهل فلسطين , وكل العرب , و اوروبا , و الكونغرس الامريكي . وكلنا نعرف بأن هدفه يكمن في اجهاض الدولة الفلسطينية , و الوقوف بوجه ان تكون القدس الشرقية عاصمة لها وفقا لاوراق , و قرار الامم المتحدة 242 . و في المقابل تقود اسرائيل و بالتعاون مع امريكا تحديدا صفقة القرن المشبوهة و التي تشمل كافة المنطقة الشرق اوسطية , و تتضمن اسرلة الجولان الهضبة العربية السورية المحتلة منذعام 1967 , و الابقاء على مزارع و تلال شبعا اللبنانية محتلة , و التحرش بحزب الله لتجريده من سلاحه , و بأيران كذلك تحت ذريعة اتهامها بتخطيطها لصناعة القنبلة النووية , و هذا لا يعكس انسجامنا مع ايران , ولا مع هلالها الشيعي المخترق لبلاد العرب , بحجة العمل على مساعدة العرب لتحرير فلسطينهم , و اراضيهم المحتلة . و لازالت اسرائيل ترفض العودة لحدود الرابع من حزيران لعام 1967 , و حل الدولتين , وتنشر الاستيطان غير الشرعي علنا و بوضح النهار , وترفض حق العودة و التعويض, و تستبدله لصالح اليهود المهاجرين الى فلسطين ترجمة لنصوص التوارة , و النسخة المزورة منها . وفي الختام اقول هنا , الرفعة, و الازدهار لوطننا الغالي الاردن , و الفوز للقضية الفلسطينية العادلة , و الوحدة لكل العرب .