في المعلومات أن سفراء غربيين يقومون بزيارة مسؤولين على رفعة في المستوى، ويجالسون شخصيات أردنية سياسية واقتصادية وإعلامية، في جلسات شخصية، بحثا عن أجوبة لعدة أسئلة كلها تتعلق باستقرار الحكومة الحالية، وملف الانتخابات النيابية، وغير ذلك من قضايا، بما فيها الموقف من الوضع في الضفة الغربية، والعلاقات مع الإسرائيليين.
الأمر لا يقف عند حدود السفارات الغربية؛ إذ إن مسؤولين من الاتحاد الأوروبي، ودول آسيوية كبيرة يسألون ذات الأسئلة، خصوصا خلال الأسابيع الأخيرة، كونهم يبرقون عادة بتقييماتهم الى دولهم، حول الوضع الداخلي في الأردن، خصوصا إذا كانت هذه الدولة أو تلك مانحة ماليا للأردن وتربط ضمنيا بين المنح والمساعدات، ومعايير الحياة السياسية.
هذا الكلام توظفه أجنحة معينة في الدولة، من أجل ترحيل الحكومة الحالية، وإجراء انتخابات نيابية، باعتبار أن العيون مفتوحة على الأردن من الخارج، مثلما يقول هؤلاء إنه لا يمكن الاستمرار بذات النواب الحاليين، بعد أن احترق رصيدهم، وإن هناك حاجة لتغيير الحكومة وتكليف رئيس جديد، وإن الأردن على المستوى الداخلي بحاجة الى هذه التغييرات، كون الانتخابات مثلا تحرك الاقتصاد الداخلي، إضافة الى أهمية التخلص من إرث النواب الحالي، وإجراء مقاصة سياسية، بين مرحلتين؛ مرحلة الرزاز، والمرحلة التي تليها، من أجل تهدئة الأجواء، وتجديد الهواء في الغرف الداخلية للدولة، على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
بالمقابل هناك رأي آخر، لا يتوقف أبدا على تأثيرات الدول المانحة، أو الممولة، أو استفسارات الدول الغربية، ولا يهتم أيضا بقصة حرق رصيد النواب، أو حتى قصة الاقتصاد الانتخابي، وينظر للعملية من زاوية أخرى، تقول إن تأجيل الانتخابات أو بقاء الحكومة، أو بقاء النواب، سيناريوهات أفضل إذا تم تطبيقها كليا، أو جزئيا، كون البيئة الانتخابية ستكون تصعيدية وسيئة بسبب الأوضاع الاقتصادية، وستكون خارج السيطرة، بسبب أوضاع الأردنيين، ووجود مئات الآلاف بلا عمل، وأنها ستكون بيئة قابلة للإشعال من جانب مرشحين فرديين، أو اتجاهات سياسية أو تعتمد على رفع السقف والتصعيد، وغير ذلك، وأنه وبسبب ظروف كثيرة، داخلية أو خارجية، فإن الأفضل بقاء الرئيس الحالي، وإيجاد حل لقصة النواب، أو الانتخابات، من أجل أن يتم إكمال برنامج الحكومة، إضافة الى كون الرئيس مقبولا الى حد ما على المستوى الداخلي، ومقبولا أيضا على المستوى الخارجي، وهذا الرأي يعاند أصحاب الرأي الأول، الذين يريدون المضي قدما في قصة الانتخابات، بل ورحيل الحكومة الحالية.
عمان أكدت مرارا أن الانتخابات استحقاق دستوري، وهذا يعني أن القصة قد لا تكون مرتبطة بالمبدأ بل بالتوقيت، كما أن التوقيت ذاته قابل للتغيير والتمديد، وبتغطية من الدستور، وقد تم الحديث مرارا عن الانتخابات من باب موعدها وعلاقتها بوضع كورونا في الأردن، الذي بالمناسبة بات واضحا الى حد كبير، وإذا كانت العقدة، هي عقدة كورونا، فقد تجاوزها الأردن، اذا أريد إعلان موعد الانتخابات، الا أن المرجح هنا، أن القصة النهائية ترتبط بما هو أعمق من كورونا، نحو حسابات معقدة داخليا، وبعض الحسابات الخارجية المرتبطة بوضع الإقليم والمنطقة والعالم، وما يتوقعه الأردن خلال الفترة المقبلة.
حتى ساعة كتابة هذه السطور، لم يتم حسم هذه الملفات، وربما قريبا جدا، سوف تتضح الصورة، وحتى تلك اللحظة، فإن هناك وجهات نظر مختلفة، ومتباينة، وكل طرف يريد لرأيه أن يسيطر، من دون أن ننكر هنا، أن هناك في الظلال وجهات نظر ذات لون شخصي، فمن هو مع الرئيس الحالي، يريد للرئيس أن يبقى بأي شكل، ومن يريد رحيله يريد أن تستقيل الحكومة وتجري الانتخابات على يد رئيس جديد، وبينهما قد تأتي وصفة ثالثة لا تخطر على البال، يتم خلطها من وصفات مختلفة، لا تخطر على بال أحد.
دعونا ننتظر؛ إذ إن كثرة “التحليل” من دون معلومات نهائية، تعد نوعاً من أنواع “التضليل”.
الغد