قضية مفتعلة، لا تملك مقومات البقاء لعدة أيام، تلك التي برزت من خلال إيجاد التعارض بين تصريحات رئيس الوزراء عمر الرزاز نحو حل مقترح للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يقوم على الدولة الواحدة ثنائية القومية والهوية على كامل أرض فلسطين بديلاً لحل الدولتين، قراءة متسرعة غير دقيقة وكأن الأردن تراجع عن حل الدولتين، نحو حل الدولة الواحدة، بسبب استمرار الاحتلال والاستيطان والتوسع وتدمير البنى التحتية للأرض وللمجتمع الفلسطيني وزرع الوقائع التي تحول دون إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس بديلاً للعبرنة والأسرلة الصهيونية الجارية من قبل حكومة المستعمرة.
بداية يجب التأكيد أولاً بدون الهرولة نحو المغالاة، أن قضية الشعب الفلسطيني ومستقبله على أرضه يقرره فقط الفلسطينيون أنفسهم، لا الأردنيين ولا العرب ولا المسلمين ولا المسيحيين ولا المجتمع الدولي، فقد قضت هذه المرحلة، ولم يعد للفلسطينيين وكيل عنهم، وباتت لهم مؤسساتهم وقياداتهم الممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية، وهي التي تقرر مستقبلهم وخياراتهم وهم الذين يحملون ويعملون ويقررون خيارهم في الدولتين أو في الدولة الواحدة.
ثانياً أن صراع الشعب الفلسطيني ونضاله حُسم على الأرض، وفي المؤسسات، نحو المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، ومؤسساته وأجهزته وجيشه ومستوطنيه، فهو وحده عدو الشعب الفلسطيني، الذي يحتل أرضهم وينهب حقوقهم وينتهك كرامتهم، وهو وحده الشريك في الصراع، وبهزيمته أو بالتفاهم المشترك معه، يتم الحل، سواء الحل الواقعي أو الحل العادل، وهذا يعتمد على مسارات النضال الفلسطيني وإنجازاته وأدوات دعمه وروافعه العربية والإسلامية والمسيحية والدولية، ومدى قدرته على فرض الحل على عدوه الإسرائيلي المتفوق.
ثالثاً إن دعم الأردن لفلسطين يعود لسببين أولهما حماية الأمن الوطني الأردني من محاولات وخطط المستعمرة الإسرائيلية لإعادة رمي القضية الفلسطينية خارج فلسطين كما فعلوا عامي النكبة 1948 والنكسة 1967، وقد نجح الرئيس الراحل ياسر عرفات بإعادة العنوان والموضوع الفلسطيني من المنفى إلى الوطن بفعل الانتفاضة الأولى ونتائجها اتفاق أوسلو، حيث تعمل حكومة المستعمرة لإلغاء تدريجي لكل مظاهر الحضور الفلسطيني وتحويلها إلى غطاءات وظيفية لخدمة الاحتلال وشرعنة وجوده وتمدده لبلع الضفة الفلسطينية عبر الاستيطان والضم وجعل الأرض الفلسطينية طاردة لأهلها من خلال الإفقار والتجويع والحصار وكبح التنمية، ولذلك يعمل الأردن على دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه ومنع ترحيله القسري والطوعي إلى الأردن، وثانيهما دعم نضاله لاستعادة حقوقه الكاملة على أرض وطنه، لأن الضفة الفلسطينية والقدس قد اُحتلتا حينما كانتا جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية عام 1967، وبات لزاماً وواجباً الوقوف إلى جانب صمود ونضال الشعب الفلسطيني ودعمه، بهدف إنهاء الاحتلال وزواله كواجب وضرورة وطنية وقومية ودينية وإنسانية وأخلاقية.
رابعاً رئيس الوزراء عمر الرزاز يفرض التحدي في مواجهة الإسرائيليين عبر مخاطبة المجتمع الدولي عبر الجارديان، بقوله لا خيار أمام الإسرائيليين إما حل الدولتين أو حل الدولة الواحدة، لإدراكه أن حل الدولة الواحدة ثنائية القومية مرفوض لدى غالبية الإسرائيليين، وبقاء الاحتلال لن يستمر إلى الأبد ومرفوض دولياً، ولذلك لا يبقى إلا حل الدولتين الأكثر واقعية للشعبين.
لا يملك الأردن أو غيره التراجع عن حل الدولتين؛ لأنه خيار فلسطيني أولاً لهذا الوقت، ولأن المجتمع الدولي أقره وبات هو العنوان لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولأنه يحمل عناوين الحماية للأمن الوطني الأردني من محاولات العدو الإسرائيلي تهجير أو طرد أو تشريد الفلسطينيين المتشبثين الصامدين على أرض وطنهم الذي لا وطن لهم غيره.
الدستور