لم أعرف كاتبا ولا أدبيا « صارما « بالتعامل مع الوقت مثل صاحب جائزة « نوبل « الروائي نجيب محفوظ.
ومنذ بداياته في عالم الكتابة عام 1934 وهو يرتّب ساعات عمله بمنتهى الدقة..
ويُروى أنه كان يدخّن « كل ساعة « سيجارة.. ويضع الساعة أمامه، وهي الساعة القديمة التي كانت تُربط ببنطلون الشخص.. وتتدلى مثل « ميدالية «.. وينظر اليها كلما حان موعد السيجارة التالية. بالدقيقة والثانية.
وكان جيرانه من السكّان يضبطون سألتهم على موعد خروجه الى الوظيفة ..وفي المساء يرقبون « غرفته « حين يضيء النور فيبدا بالكتابة وحتى يطفىء الكه باء .. معلنا انتهاء وقت الكتابة . ويُقال انه حين ينتهي من وقت الكتابة ، يتوقف تماما حتى لو بقي جملة فيها ( مضاف اليه ) يكتب المُضاف ويترك المضاف اليه.
كان يلتزم بالمشوار الصباحي من بيته إلى مكان عمله مشيا على الأقدام..لا يحيد عن الشارع يمنة ولا يسرة ويحفظ المطبات والحُفر فلا يقع فيها. وكأنه مكانة مُبرمَجة.
ومن عاداته ..التوقف عن الكتابة تماما في بداية شهر نيسان / أبريل بسبب مرض الرمد الربيعي الذي يصيب عينيه.. وفي اول شهر أيلول/ سبتمبر كان يذهب مع عائلته إلى الإسكندرية..في اجازة من الكتابة وهناك في كازينو « بترو « يلتقي في المكان المعهود والمحكوم له مع الكاتب الكبير توفيق الحكيم.. ويبقى هناك حتى نهاية الشهر .. فيعود إلى القاهرة ليتلقي أصدقاءه من شِلّة « الحرافيش « ..
ففي الساعة السابعة كان يغادر أصحابه في مقهى « العباسية « حاملا معه « كيلو كباب « .. كيلو فقط من الكباب ويتجه باتكسي إلى مقهى ب « الهرَم « حيث ينتظره « كل خميس « عدد من أصدقائه منهم الفنان أحمد مظهر والدكتور مصطفى محمود قبل أن « يتدروَش « و ينشغل بالكتب الدينية و الشاعر صلاح جاهين ، قبل أن يتزوّج والكاتب ثروت أباظة وغيرهم.
ولم يكن مثل عادة أغلب المصريين ، يلتقي أصحابه في بيته ، بل في المقاهي او في جريدة « الأهرام « عندما خصص الأستاذ محمد حسنين هيكل قاعات كبيرة لكبار الكتاب والفنانين في مبنى « الأهرام «.
هذا « الانضباط / الصارم « مع الوقت .. ساهم مع موهبته بجعله روائيا عالميا... اسمه نجيب محفوظ..!!
الدستور