حل الدولة الواحدة ليس خيارا أردني ..
د. عدنان سعد الزعبي
22-07-2020 10:22 PM
عاد حل الدولة الواحدة للصعود في الاوساط السياسية العالمية كاحد الحلول المطروحة عالميا لحل القضية الفلسطينية حيث تنامت هيئات عالمية للدعوة بشكل واضح لحل الدولة الواحدة كما هو في اعلان ميونخ واعلان الحركة الشعبية للدولة الديمقراطية الواحدة على فلسطين التاريخية"، ومؤسسة الدولة الواحدة, وعقدت سلسلة من المؤتمرات للوصول إلى مفهوم دولة واحدة جمهورية لجميع مواطني فلسطين التاريخية وغيرها.
في العام 1944 صاغ الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي ضم الشيوعيون موقفه بالدعوة للتطور الديمقراطي لفلسطين والتحرر من التأثيرات الخارجية في ظل دولة واحدة، وبعد 1967 تضمن اجندات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين حلول الدولة الواحدة لجميع مواطنيها مرتبطة بتحرير فلسطين، وقدمت حركة فتح في السبعينات من القرن الماضي وقبل أجندة بعنوان "الدولة الديمقراطية العلمانية"، واعتبر الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة أحمد جبريل أن الحل المعقول هو إقامة دولة واحدة. الا ان منظمة التحرير الفلسطينية تخلت عنها لاحقا لمصلحة حل الدولتين وذلك في إعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988 واتفاق أوسلو عام 1993.
لقد عاد مفهوم حل الدولة الواحدة للبروز بعد ان عاش مفهوم حل الدولتين بين حكومة “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية قرابة الثلاث عقود بدأ من مؤتمر أنابوليس في تشرين الثاني (نوفمبر) 2007، باعتباره اساس التفاوض بين الطرفين والذي اقترحته إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في العام 2011. الا ان فشل الوصول لحل، رغم التوافق الدولي ودعم ادارات كلنتون وبوش الاب والابن واوباما والقاعدة السياسية الامريكية والاروبية جراء التعنت الاسرائيلي وحقيقة النوايا المبيتة لاقامة دولة يهودية على كامل الاراضي الفلسطينية اجهض كل محاولات التوصل للحل السلمي القائم على حل الدولتين والذي كان الاردن ودبلماسيتها من انشط الجهات التي سعت نحو هذا الحل باعتباره الحل العادل لشعوب المنطقة.
إن الامر الواقع الذي فرضته اسرائيل في بناء المستوطنات ومصادرة الاراضي وضمها، ومحاولة ضم ما يزيد عن 30% من اراضي الضفة في وادي الاردن، يحقق لاسرائيل حلمها بالدولة اليهودية وموت حل الدولتين. فضم 60% من الضفة الغربية وبناء مستوطنات حشدت فيها ما يزيد عن 400 الف اسرائيلي بين سكان الضفة الغربية يعني اقامة الدولة على كافة الارضي الفلسطينية، جنبا الى جنب تنمية نظرة الاوساط السياسية العالمية لمفهوم حل الدولة الواحدة، كحل يتطابق مع سياسة فرض الواقع الذي عملت عليها اسرائيل طيلة الـ 26 سنة الماضية مستغلة كل الظروف التي يعيشها الفلسطينيون والعرب, وانشغالهم بانفسهم وبتحدياتهم.
المسألة الان تتمثل بالاستعداد لاي احتمال يمكن طرحه والتفويت على الاسرائيليين استغلال سياسة الامر الواقع من خلال تهيء العرب وقبلهم الفلسطينيون الى كل ما يطرح وسيطرح عالميا. والتفكير جديا بخيار الدولة الواحدة ثنائية القومية او الدولة العلمانية, فاسرائيل لا يمكن ان تقبل ان يشاركها احد في دولة متساوية الحقوق بين جميع سكانها ببعده القانوني والسياسي, ولا يمكن ان تقبل ايضا كيانات سياسية مستقلة لها الحقوق الكاملة وفق مساواة بين الجميع. فاسرائيل تريد دولة واحدة ذات ديانة يهودية لا يتساوى بها العرب مع اليهود وليس لهم حق المشاركات السياسية والاجتماعية على قدم المساواة مع اليهود, لان ذلك برايها انتحار ضمن المعادلة الديمغرافية. لهذا فهي تسارع الزمن وفي ادارة ترامب لاعلان الضم وفرض الواقع الجديد. فالفلسطينيون والعرب معنيون الان بوضع تعريف لحل الدولة الواحدة، وبلورته لمواجهة ما يمكن ان تطرحه اسرائيل وبالتالي كشف عنصريتها امام العالم.
ان الحديث عن مفاهيم الدولة الديمقراطية الواحدة او الدولة العلمانية ليس بالجديد ولا يعني التراجع عن المواقف الثابتة التي تم التمسك بها عقود وعقود, فالاردن تمسك بحل الدولتين كطرح يحقق العدالة اكثر خاصة وان الاردن يدرك وبقناعة تامة ان التزمت والعقلية التي تتمسك بها الادارات الاسرائيلية لا يمكن ان تقبل بحل عادل قائم على المساوات بين الشعبين والتعايش السلمي بكافة الحقوق السياسية والاجتماعية والقانونية والمدنية‘ او التعايش القائم على قوميتين تشتركا بنفس الحقوق. ولهذا فان مجرد الطرح لا يعني الا طرح جميع الحلول , فحل الدولتين هو اقرب للعدالة للشعب الاسرائيلي والشعب الفلسطيني على حد سواء ويضمن الديمومة والاستقرار في المنطقة . ولكن المنطق يحتم التفكير بكل احتمال والاستعداد لاي طرح .