«الفساد» من عتمة المداراة إلى نور المكاشفة واجتثاثه
نيفين عبد الهادي
20-07-2020 12:10 AM
اختار الأردن درب محاربة الفساد نهج عمل وأسلوب حياة، بتوجيهات مباشرة من جلالة الملك عبد الله الثاني، ومتابعة شخصية من جلالته، وبترجمة تنفيذية من قبل الحكومة بكافة أذرعها، وصولا لمنظومة متكاملة لهذا التوجّه والذي طالما كان مطلبا شعبيا بل وحاجة للتنمية الحقيقية التي تقود لمثالية النتائج والثقة الحقيقية ما بين المواطن وصانع القرار أينما وجِد.
محاربة الفساد وحماية المال العام ووفق ما أكد رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزّاز في كلمته المتلفزة أمس هو توجيه ملكي، ومطلب شعبي، بالتالي هو خيار لن تتراجع عنه الحكومة، ليس هذا فحسب، إنما أكد رئيس الوزراء على أنه كشعار «مطلب للجميع ولكن ما ان يدخل حيز التنفيذ الا ويواجه معارضة ومقاومة شديده من البعض»، ليؤشّر بذلك على جانب غاية في الأهمية يرتكز على أن وراء الفساد فاسدين، بالتالي من غير المنطق أن تكون هناك مطالبات بمحاربة الفساد وحماية المال العام، ويقابلها معارضة ومقاومة من البعض، فتحقيق هذا الخيار يحتاج بداية ثقة بالجانب الرسمي بقدرته على مواجهة أشكال الفساد كافة، أضف لذلك دعم أي جهود من شأنها مواجهة هذا الوباء الذي بات يهدد المال العام أكثر من أي فيروس أو وباء.
هي أولوية لحكومة، في مواجهة الفساد والفاسدين، بجميع أشكال فسادهم، كما أنه مطلب شعبي، وهذا الأمر مؤطّر بسياسات عليا من قبل جلالة الملك الذي وجّه ويوجّه بالوصول إلى بيئة آمنة خالية من هذه الآفة، وبطبيعة الحال هذا الدرب الصعب عملت على قطع شوط به الحكومة من خلال عدة إجراءات كان أحدثها تاكيدات رئيس الوزراء أمس بعدم التراجع عن محاربة الفساد، واجراء تعديلات على قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد الذي من شأنه تعزيز دور الهيئة في هذا الجانب، وغير ذلك من إجراءات وخطوات كبيرة جعلت من محاربة الفساد بالفعل شعار مرحلة تعمل الحكومة بتوجيه مباشر من جلالة الملك لجعله واقعا ملموسا.
ورغم كل هذه الجهود، لكننا حتما لم ننه الحرب على الفساد بعد، ولم نكسبها بشكل مطلق، فالأمر ما يزال يتطلب المزيد من العمل، والجهود، وثمة المزيد الذي ينبغي القيام به، وما تزال أجندة مكافحة الفساد تقلب صفحاتها بمزيد من الخطوات والإنجازات التي أخذت طابع الحساسية في قضايا معينة، ظنّ البعض أنها قد تدفع بتراجع خطوات الحكومة بهذا الشأن، لكن الخطى سارت بعكس هذه التوقعات حيث مضت الحكومة في خطواتها ولم تلتفت سوى لصوت واحد ينادي بمحاربة الفساد وحماية المال، تحقيقا للعدالة بين المواطنين كافة وصونا لمقدرات ومكتسبات الوطن.
في خطاب ألقاه عام 1996، شبّه جيمس وولفنسون رئيس البنك الدولي آنذاك الفساد بالسرطان، الأمر الذي يؤشّر بوضوح إلى خطورة هذا الأمر، والحاجة الماسة لمحاربته بتكاتف الجميع، والثقة بأن الحكومة قادرة على محاربته بوسائل مختلفة، علينا أن ندعمها لا أن يسعى البعض «لتكسير مجاديفها»، فالفساد مشكلة كبيرة، ومواجهته مهمة ليست سهلة بالمطلق، فهي صعبة، وكذلك حساسة، فهو اليوم أولوية حاسمة ولا تراجع عنها على أجندة الحكومة، ووشاركة كل مواطن مسؤولية وطنية في هذا الجانب أقلها أن ندعم الجهود ونثق بها، حتى نحسم أمرنا بأن الفساد مرض عضال لكن مجتمعنا سينجو منه بفضل توجيهات جلالة الملك وجهود الحكومة، والتأكيد الشعبي المستمر بضرورة اجتثاثه.
في اطار توجيهات جلالة الملك وجهود الحكومة يتم شدّ هذا المرض من عتمة المداراة والتغليف إلى نور المواجهة والمكاشفة والشفافية، والتحقّق، وصولا للقضاء عليه، وحماية المال العام.
الدستور