من الطبيعي جدا ان يشعر الناس بالملل وعدم الاكتراث من مسالة الانتخابات البرلمانية، فالاداء السلبي للكثير من النواب لم يقنع الناس بان للنائب دور في التغيير والاصلاح من خلال وظيفته التشريعية والرقابية. كذلك فان الناس مقتنعون تماما ان الدولة لا تملك الارادة الحقيقية في ايجاد مجلس قوي قادر على القيام بدوره الاساسي كمطبخ وموجه لمسيرة الوطن, فهم ما زالو مقتنعين ان القوانين الموضوعة لهذه الانتخابات تفصل بدقة متناهية طبيعة من سيخرج وبالتالي طبيعة الاداء المستقبلي ، وان صناعة القرار بهذا الشان راضية تماما عن النتائج المترتبة على شكل ومخرجات هذه النوعية من النواب, خاصة وان مجتمعنا يراقب عن كثب كل نائب ويقيم فكره وشخصيته وطبيعة ادائه وفعله الحقيقي على ارض الواقع ، واصبح لدى الفرد الاردني الفراسة في التفريق بين النائب المليء والنائب الافرغ . ان الاشكالية الانتخابية ما زالت موجودة ، حيث يظهر اصحاب المال او العشائريين ويتصدرون المشهد والقوائم القائمة ، ولتنمط الانتخابات بصيغة التعنصر و العشائرية غير المبنية على حسن الاختيار والانتقاء العشائري , فاصحاب المال يعلنون ترشحهم بغض النظر عن المستوى الثقافي والفكري والسياسي وقدراتهم على التعامل مع هذه المهنة الجديدة بكفاءة واقتدار .
ان اساليب الدعاية التي باشرها الراغبون في الترشيح ، من تكثيف المشاركة بالمناسبات ، واغداق الهدايا , وتحفيز العشائر وابنائها للتعنصر كوسيلة هامة للتكتل , واطلاق شعارات لا يقبلها العقل ولا المنطق ولا الدين ولا السلوك القويم ، انما يعكس طبيعة القادمين الجدد وطريقة تفكيرهم ، فالغاية عندهم تبرر الوسيلة بعيدين عن المبادىء الحزبية واخلاقيات التنافس واحترام عقول الناس ومواقفها , والنظر الى واقع الحال في مجتمعنا الذي يتطلب رجالا ونساء قادرين على التعامل الواقعي مع التحديات , ويشعرون بالحرية والاستقلالية وخدمة الناس بحيث لا يلومهم بالحق لومة لائم مدركين لطبيعة هذه التحديات والامكانيات الوطنية وكيفية توجيه الجهود للنهوض والتطور .
لا اعتقد ومثلي الكثير الكثير من الناس ان هناك تغيير يمكن ان يحصل على واقع مجلس النواب القادم . فالمتبصر بالاسماء الجديدة لتي تطرح نفسها يجد ان غالبيتها صورة طبق الاصل عن الذين سبقوهم , غير انهم جاءوا بلا خبرة ولا تصور او رؤى عن ماذا سيفعلون ، ومعتقدين ان النيابة مجرد كرسي للاستعراض والبرستيج والهيبة والسلطة .
في شهر سبتمير وباواخرة تقريبا سيتضح القرار السياسي بشأن الانتخابات , لكننا نتخوف كثيرا من الاحباط الكبير الذي ينتاب الناس ، و نظرة الناس وقناعتهم بالمجلس ودوره ( باعتباره اصبح "مؤسسة حكومية "وليس ممثلا للشعب ) يتبادل المصالح مع الحكومة ، ولا علاقة له بالشعب ولا يمثلهم , بل يمثل هؤلاء الذين لهم غايات وحاجات عند النواب وخاصة غير القانونية .
الاصلاح الحقيقي يجب ان يطلق ايادي الشباب المتعلم والمثقف واصحاب الخبرات والتجارب والمدركين للعمل السياسي والواقفين على تفاصيل التحديات الوطنية , ولديهم رؤى وتصورات واستراتيجيات قادرة على الترجمه الواقعية . بعيدا عن المصالح والمنافع وسياسات الاسماء الرنانه التي لا يرد لها طلب .
الاصلاح الحقيقي في اعادة النظر بتعمق بسياسات الحكومة وتقييم مسيرتها وتعديل العديد من الاخطاء القاتلة التي اساءت للناس واثقلت كهولهم , وتلاعبت بحقوقهم ونقضت ثوابتها التي اقسمتها امام الملك وابتعدت عن الاوراق النقاشية للملك، ومارست الشللية والجهوية وهدم الماواة والظلم الواضح , وكل ذلك امام الرئيس الذي يشاهد ذلك عن كثب .؟
لا نريد ان ان نكسر مجاديف الحكومة وخاصة بعد ادائها الجيد لادارة ازمة كورونا , التي سخر لها كل السلطات والامكانات بلا مجلس نواب ولا معارضة ولا احزاب ولا اعلام حر , كانت وحدها بالساحة الاردنية لا احد ينافسها او يراقبها او يعطل مسيرتها ، فكانت منطلقة ومئات الملايين تحت تصرفها اضافة للجيش والقوى الامنية وغيرهم وغيرهم .و قضايا الفساد التي تظهر الينا الان اثيرت قبل هذه المرة ولكن الملاحظ ان الان جاء دورها ولا بد من التعامل مع الاشخاص الذي اعتقدوا انهم وصلوا لمستويات اكبر من الناس . وعلى مرأى من الحكومة بل بمباركة الحكومات . النواب والحكومة على شاكلة واحدة , اشعرا الماطنين بالضعف كونها ضعيفة غير قادرة على اتخاذ القرار بجرأة ـ
فما نجده من رؤساء الحكومات السابقين الان انفتحت شهيتهم للنقد والتعليق يدل على ان سياسة احترام الزملاء قد غاب وانتهى .
قوة الحكومة من قوة النواب وهي معادلة طردية تفهمها الحكومة بالعكس , لهذا فان هذه الحكومة ستنتهي عند انتهاء مهمتها ولا اعتقد انها ابعد من منتصف ايلول القادم . فهل تنظر الحكومة لهذا الوقت , ومعهم النواب ام سنعيش حالة سبات جديدة بتأجيل الانتخابات .