يعرف الدخل في الاقتصاد بأنه مقدار ما يحصل عليه الفرد من أجر نقدي مقابل الوقت والجهد الذي يبذله للقيام بعمل ما ، ويعد هذا المفهوم من أكثر الطرق شيوعاً لكسب المال ، وتحسين مستوى معيشة الفرد، كما أنه المقياس الأكثر استخداماً لتصنيف الطبقات الاجتماعية في البلد (الطبقة الغنية ، الطبقة الوسطى ، الطبقة الفقيرة) ، وبالتالي فهو مؤشر مهم لقياس نسبة الفقر وتعداده في البلد ، وارتفاعه أو انخفاضه ظاهرياً قد يقلل أو يزيد من نسبة الفقر على الواقع ، مع أن هذا الافتراض يشوبه بعض التضليل وعدم الدقة.
تقوم المؤسسات الاقتصادية الدولية باستخدام مؤشر الدخل لتصنيف الدول وترتيبها على مستوى العالم من حيث كونها دول غنية أو فقيرة ، وهو بذلك الاستخدام يعتبر أيضاً مقياس مضلل على الصعيد التطبيقي كون أن مستوى الرفاه الاقتصادي في معظم دول العالم ، لا يأخذ بالاعتبار المؤشرات الداخلية الأخرى مثل معدل التضخم في كل دولة على حدة، وحجم الدولة ، والبنية الاقتصادية لها، وهيكل الاقتصاد ونوعيته ، ومستوى الفساد الذي تعانيه الدول ... الخ.
تفاوت الدخل في الدول يسبب الكثير من الآفات الاقتصادية ، ونجد في كثير الدول المتخلفة أو ما يطلق عليها دول العالم وجود التفاوت الصارخ في توزيع الدخل بين أفراد المجتمع، حيث لم يعد هناك مكان للطبقة الوسطى التي كنا نعتمد عليها في البناء الاقتصادي ، ونعتبرها من أهم أعمدة النمو الاقتصادي في الدولة ، بل أن واقع الحال يرى بأن هناك تصنيف جديد يقوم على طبقتين وتشكل وفقاً لمفهوم غني أو فقير فقط.
ومن مشاهداتي أن هناك تصنيف آخر أوجد طبقة خلقت لنفسها مناخ وظروف مناسبة لاحتكار أجهزة الدولة والموارد وتوريث السلطة، وعززت بقائها بالاندماج والشراكة مع طبقات أخرى نافذة وفاعلة مثل التجار وأصحاب الأعمال وملاك روؤس الأموال، وهم اختلفوا في الأصل والمنبت والفكر ولكن جمتعهم المصلحة وعلاقات النسب والمصاهرة ، وبتقديري فإن هذه النسبة لا تشكل أكثر من 5% من المجتمع ، ويمكن أن نطلق عليها مجازاً البروليتاريا السياسية "الطبقة البرجوازية".
تلك الطبقة بما تمتلكه من موارد وإمكانيات تقف في مواجهة أخرى يطلق عليها الطبقة العاملة "البروليتاريا الكادحة" وهي سواد الشعب وعوامه، وعليه يمكن القول أن 95% من الأردنيين يملكون أقل من 10% من الموارد الإنتاجية المتاحة، فيما أن الـ 5% الباقية تمتلك 90% من الموارد .
مرد هذه الاعتقاد يقوم على المؤشرات التي تستند إليها الحكومة في مكافحة الفساد وجميعها تتعلق بأشخاص يصنفوا ضمن هذه الفئة إما كمسؤول سابق أو كصاحب بزنس كبير في البلد ، أيضاً نسبة ارتباط الناس وتبعيتها الواضحة للبنوك والمؤسسات المالية ، فقلما نجد "نفر" أردني لم يرتهن عقاراً أو سيارة أو أرضاً لبنك ، كما قد يكون الارتهان في سبيل الحصول على نقود لتغطية المصاريف والنفقات اليومية ومصاريف العلاج والدراسة . هناك ظاهرة أردنية بامتياز ويكثر تكرارها في البلد ، ولا اعتقد بوجودها موجودة في الدول الاخرى ، وهو أن معظم المسؤولين العاملين في قطاع المال والاقتصاد بما سطروه من إنجازات وهمية في مناصبهم حملت البلد ما يكفيها من الديون والفساد بأشكاله ، قد أعيد تدوريهم في مجالس إدارات البنوك والمؤسسات المالية والاستثمارية الأخرى في الدولة.
إن نظام ضريبة الدخل يعتمد على مفهوم الضريبة التصاعدية التي تأخذ بالاعتبار حجم الدخل وليس نوعيته كعنصر لاستحقاق الضريبة على الأفراد ، وهي تتعامل مع الدخل الأسمي الذي يتقاضاه الفرد دون أن تأخذ بالاعتبار اختلاف هذا الدخل كثيراً عن الدخل الحقيقي الذي يأخذ بالاعتبار معدل التضخم في البلد والقوة الشرائية للدخل، كما أنه يختلف عن مفهوم الدخل القابل للإنفاق الذي من المفترض أن يأخذ بالاعتبار إلتزامات المواطن البسيط وحجم القروض التي يدفعها وخصمها من الدخل المكتسب، وهنا قد يكون في ذلك إحقاقاً وعدالة أكثر لهذه الفئة التي تقترض مبالغ أكثر لتأمين احتياجاتها اليومية الروتينية.
القاعدة هنا أن زيادة نسبة الإنفاق من الدخل بانخفاض حجمه ، وعليه يجب دفع أقل ما يمكن من الضريبة ، وينطبق هذا الأمر على ضريبة المبيعات أيضاً ، ولتعزيز إنتاجية المواطن البسيط فإن نظام دفع الأجور بحاجة إلى إعادة مراجعة، بجانب نظام العمل القاضي بالعمل لمدة 8 ساعات يومياً ، في ظل توجه الكثير من المؤسسات الاستفادة من تجربة العمل أثناء الفترة الماضية .