بداية أود أن أذكر أحجية أرسلها الشيخ مجحم المهيد ( المصوت بالعشا) للملك عبدالله الأول وكانت الأحجية المكتوبة في رسالة ( أفتيك بمية بنت بروح فرد معلقات، مية بنت وحاكمهم ذكر ).

فاستدعى الملك عبدالله الأول الشاعر عبدالله اللوزي لحلها فأجاب اللوزي ( لميرنا لرد حلو البيات حنا اذكى الناس، هذول المسابح للشيوخ، منظمات للي زار بيت مكة والحجر، تحت المآذن بالجوامع ساكنات، ويعاشرن الحكام مع باقي الوزر)، فقال الملك: (أشهد انك يا أبو الثنايا فصيح، والله ردها أحسن منها فالجواب كان المسبحة).

وكان الشيخ حاكم المهيد من أوائل من ناصر الملك فيصل الأول حيث منحه لقب أمير لواء وأهداه سيف مرصع، وكان ذا نزعة عربية محضة، فعندما قامت الثورة العربية بقيادة الشريف الحسين بن علي، أيدها وابتهج كثيراً عندما ارتفع العلم العربي فوق دار السرايا عام ١٩١٨، وشارك بالاحتفال الذي عُقد بهذه المناسبة، وتمت دعوته للمؤتمر الذي عقد في الكويت عام ١٩١٦ لدعم الثورة العربية مع شيوخ القبائل، وقد أنعم عليه الشريف "حسين" حينها بلقب باشا.

ويذكر أنه وللمكانة التي احتلها حاكم بن مهيد في ذاكرة الرقِّيين، فلقد دخلت سنة وفاته بالتقويم الرقي الشعبي، إذ يقال: (سنةْ موتة "حاكم") ومن أشهر عباراته (الفلوس والناموس مايجتمعن)، وتمت مبايعته رئيسا للحركة الوطنية في الرقة التي أدارت شؤون إمارة الرقة حينها لمدة خمسة عشر شهرا استعصت خلالها على الفرنسيين، وشيد داراً خاصة بالحاكم والإدارة في الرقة، وقد رفع علم الثورة العربية الكبرى، واتخذ مجلس أعيان بمثابة برلمان مناطقي مؤقت.

وأوصى الشريف الحسين بن علي بمعاملة المهيد كمناصرين أوفياء وموالين بعد زيارة إلى مكة قام بها الشيخ حمد السعدون شقيق الشيخ العجيمي زعيم عشائر المنتفج ومعه ممثل عن الشيخ مجحم المهيد، هذا وقد انتقلت الشيخة من حاجم المهيد الى الشيخ مجحم المهيد الذي تزعم العشائر في الرقة ودير الزور ومناطق واسعة من الفرات حتى عام ١٩٤٦، وكان قد أصبح نائبا في مجلس النواب السوري عام ١٩٢٣، وظل يفوز بها بالتزكية حتى عام ١٩٦١، وكان محاطا بالحاشية والجند للدفاع عن الأرض السورية.

وللعلم المشيخة بالمهيد متوارثة منذ عهد مهيد الأول في عام ١٤٥٠، ثم انتقلت الشيخة بعد وفاة الشيخ مجحم لابنه النوري المهيد الذي أصبح نائبا في مجلس النواب السوري، واجتمع الرأي عليه من قبل كل شيوخ العشائر بأن يكون رئيس كتلة العشائر، وصار بذلك شيخ مشايخ سوريا، ومازال قصره قائما في الرقة ويدعى قصر الكعكجي نسبة للشخص الذي أهداه له، والذي كان مركزا للسياسة وإدارة شؤون القبائل، ثم ارتحل مع عائلته الى الاردن واستقبلهم الملك الحسين رحمه الله خير استقبال ومنحهم الجنسيات الأردنية محبة بهم.

وكان الملك عبدالله الأول قد عين ابن عمهم أحمد المهيد في أول حكومة تم تشكيلها في عهد إمارة شرق الأردن، نظرا لمناصرته ووقوفه مع شقيقه الملك فيصل الأول في سوريا وإخلاصه له، حيث شارك بأول حكومه أردنيه عام ١٩٢١ برئاسة رشيد طليع الذي شكل حكومتين ، وفي حكومة دولة مظهر رسلان، وفي حكومة دولة على رضا الركابي ، بواقع أربع حقائب وزارية متتالية في الأردن ثم عاد لاستكمال مسيرة الجهاد في سوريا.

ويتواجد المهيد في الأردن في مدينة كفرأسد شمال الأردن ويسمون بالمهيدات بالجمع على غرار أسماء العشائر الأردنية التي تأخذ صيغة الجمع كالرشيدات والذنيبات والعبيدات، حيث جاء قسم منهم من سوريا عام ١٨٢٠ وزارهم الشيخ مجحم المهيد والشيخ ثامر المهيد رحمهم الله عدة مرات، ويتزعم القبيلة حاليا الشيخ أنور ثامر المهيد، ومن أشقائه الشيخ محمد ثامر المهيد والشيخ فواز المستشار السابق في الديوان الملكي الأردني والشيخ الدكتور منور المهيد المدير العام لمؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي.