انشاء صندوق استثمار سيادي اردني
عبد المنعم عاكف الزعبي
21-02-2010 07:57 PM
تجد الحكومة الاردنية نفسها امام خيارين و حيدين لمواجهة العجز المتنامي في موازنتها. الاول هو الاقتراض الداخلي من البنوك المحلية و الذي ارتفع مؤخرا الى مستويات قياسية. اما الثاني, و هو ما يرفضه معظم الاردنيين, فهو بيع الاصول الحكومية كما فعلت الحكومة عام 2008 عندما باعت ما قيمته 300 مليون دينار من اراضي العقبة بهدف تغطية النفقات المترتبة على عجز الموازنة ذلك العام.
المقارنة الاقتصادية البحتة تميل لكفة الاقتراض الداخلي فهو الاقل تكلفة بين الخيارين. فتكلفة الاقتراض الداخلي و التي قد تصل الى 5%, اجدى من بيع اصل عقاري قد يرتفع سعره 30% في سنة واحدة. فكون الاردن الاكثر استقرارا في المنطقة يضيف الى الثقافة الاستثمارية الاردنية التي تراهن دوما و ابدا على قيمة العقار.
مشكلة النتيجة المترتبة على المقارنة السابقة انها لا تغني ولا تسمن من جوع: فهل نستمر في الاقتراض الداخلي سنة بعد سنة حتى تفقد العملة قيمتها و تتراجع التصنيفات الائتمانية للدولة و بنوكها المحلية؟؟ و هل نبقى نسترق النظر الى اصول الدولة العقارية ترتفع اضعافا دون ان تستفيد من ذلك الحكومة و دافعوا ضرائبها من مواطنين و شركات؟
الاقتراح اذا ان تحارب الحكومة مستويات العجز المالي بما يحافظ على نسبة "الدين العام الداخلي الى الناتج المحلي الاجمالي" ضمن الحدود المعقولة و التي لا تشكل مخاطرة مرتفعة على الاقتصاد الكلي.
تبدوا المهمة شاقة عند الحديث عن تقليص العجز الحكومي او وقف تناميه خاصة اذا ما تم النظر الى الشق الايسر من الموازنة و المتمثل بالنفقات العامة. فالنفقات العسكرية خط احمر في دولة يشكل الامن فيها الميزة النسبية الاولى. اما النفقات الحكومية و التقاعدية الجارية فيصعب تقليصها في اقتصاد تمثل الحكومة فيه المشغل الرئيسي, بينما قطاعه الخاص لا يزال ناشئا. حتى النفقات الراسمالية يصعب تداركها في دولة لا تزال بحاجة لانشاء المدارس و المستشفيات و غيرها من البنى التحتية.
يجدر بالحكومة اذا النظر الى الشق الايمن من الموازنة و العمل جديا على تنمية مواردها المالية بما يساعدها على تضييق العجز المالي او منع تفاقمه على اقل تقدير. اما الطريق الى ذلك فقد يكون غير تقليدي بانشاء صندوق استثمار سيادي راسماله عائد بيع الاصول الحكومية و يهدف الى تحقيق اعلى عائد استثماري متاح ضمن حدود المخاطرة المقبولة, بحيث يستخدم هذا العائد في تقليص عجز الموازنة بينما يبقى راس المال متوفرا لتحقيق المزيد من العوائد.
بتاسيس مثل هذا الصندوق, تستطيع الحكومة الاردنية و دافعو ضرائبها الاستفادة من اصول الدولة العقارية دون اهدارها في سبيل تغطية نفقات الحكومة اللحظية و دون ابقائها مجمدة لا يستفيد من ارتفاع قيمتها احد. كذلك, قد يمكن مثل هذا الصندوق الحكومة من تحقيق شراكة رابحة مع القطاع الخاص عن طريق التملكات الاستراتيجية في الشركات الرابحة كالفوسفات و البوتاس و غيرها. اخيرا, سيريح مثل هذا الصندوق مؤسسة الضمان الاجتماعي ووحدتها الاستثمارية من مهمات تجاوزت دورها المتمثل بالمحافظة على مدخرات المواطنين.
تجارب الصناديق الاستثمارية السيادية متعددة و متنوعة قد يكون مجديا للحكومة الاردنية دراستها و الاستفادة من تطبيقاتها.