حفلات التخرج "عن بعد" القليل من الفرح في ظل كورونا
د. دانييلا القرعان
12-07-2020 10:32 PM
ينتظر كل طالب بعد أعوام الدراسة في المدرسة أو في الجامعة أن يحتفل بما حققه بإرتداء ثوب وقبعة التخرج، ومن ثم إلتقاط الصور التذكارية لهذا الحدث مع رفاق الدراسة الذي ربما ستصبح أخر فرصة للتجمع في مكان واحد.
وبسبب الظروف الحالية لأنتشار فيروس كورونا وفرض حظر التجول في معظم البلدان ومنع التجمعات، حرم الطلاب من حفلات تخرجهم والذين باتوا زمناً طويلا وخلال سنوات المراحل الدراسية يحلمون بهذه اللحظة.
لا يصل الطالب إلى النجاح دون أن يمر بمحطات من التعب والفشل واليأس، ولكن صاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في هذه المحطات بل ينطلق صوب هدفه حتى وإن باتت الظروف الطارئة الاستثنائية عائقاً له ومطباً له من إكمال فرصته بفرحة التخرج ولبس الروب والقبعة واستلام الشهادة الجامعية في حرم الجامعة وسط التصفير والزغاريد وإعلاء الاصوات بذكر أسمه عاليا، ولكن وبالرغم من هذه الظروف عليه أن يتواصل النجاح القادم، حتى وإن كان عام تخرجه هذا هو العام الذي يعاني فيه العالم من أزمة كورونا وتداعياتها.
تغلب نظامنا التعليمي على كثير من المعوقات، وبذلت حكومتنا جهوداً جبارة لتذليل الصعوبات، وقد اختارت وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي الحل الأمثل لإستمرار العملية التعليمية بالتعليم والتعلم عن بعد، وحرصها الكبير ألا تكون هذه الجائحة عائقاً عن إكمال مشوار التعليم، وكانت تجربة التعليم والتعلم عن بعد ناجحة وفتحت المجال أمام توظيف التقنية والاستفادة منها في تيسير العملية التعليمية، والعملية التعليمية عن بعد لم تكن تعترف بالمسافات، وأيضا فتحت للطالب جواً عائلياً مسانداً.
بعد العودة للحياة الطبيعية والتي باتت قريبة جدا ان شاء الله، عودة أبنائنا الطلبة لمقاعد الدراسة وفتح المدارس والجامعات، نتمنى من أصحاب الشأن والمسؤولين أن يكون هنالك خططاً مستقبلية للتعامل مع الأزمات، وتدريب الطلاب على التعامل معها بكل سهولة ويسر ودرجة عالية من الحذر والذكاء، وأن يتم تدريب كافة الطلاب في جميع المراحل الدراسية في المدارس والجامعات مع التعامل مع هذه الأزمات والظروف الاستثنائية الطارئة فيما يتعلق بسير العملية التعليمية في حال حدوث أي أمر طارئ، مثلا أن يتدرب الطالب أسبوعياً على كيفية التعلم عن بعد ووضع حصة أسبوعية عن التعليم الإلكتروني، وكذلك إعطاء الدورات التدريبية والتطويرية للمعلمين ومنح كافة المعلومات عن كيفية إعطاء الدروس عن بعد وإعداد الدروس وكيفية المتابعة والاستجابة من قبل الطلاب.
"آلية الاحتفالات التخرج الافتراضي"، نظراً للظروف الاستثنائية الطارئة التي حلت بجميع دول العالم وأثرت على سير الحياة الاعتيادية بالشكل الطبيعي، وأغلقت مطارات ودول وحدود وقطاعات وفرض التجول ومنع التنقل والتجمع، وأغلقت المدارس والجامعات والمعاهد والمراكز والكليات وباتت المنظومة التعليمية تُدرس عن بعد، كان أيضا لحفلات التخرج المدرسية والجامعية نصيب من التوقف عن ممارسة فعاليات التخرج الطبيعية، وهذا التوقف يصب في النهاية لمصلحة أبنائنا الطلبة وحماية صحتهم وصحة أسرتهم من الاختلاط ونقل العدوى، أما فيما يتعلق بآلية التخرج الافتراضي بعض الطلاب سيحتفل في المنزل مع أسرته، وآخرون قرروا الاحتفال "أون لاين" عبر مواقع التواصل الإجتماعي، والبعض قرر الاحتفال مع عدد قليل من أصدقائه في أي مكان بسيط، والبعض قرر عدم الاحتفال أبدا والاكتفاء فقط بالحصول على الشهادات الجامعية والاستعداد لدخول سوق العمل، هذه المظاهر الافتراضية جميعها محاولات لطلاب المراحل التعليمية للإحتفال بتخرجهم من كلياتهم تكليلاً لجهودهم في الدراسة والمثابرة والسهر والذهاب اليومي للمدرسة والجامعة التي عاشوا فيها فترة زمنية غير عادية من العلم والمعرفة والصداقة وذلك تزامناً مع انتشار فيروس كورونا في مختلف دول العالم وتعليق الدراسة في المدارس والجامعات بجانب تعليق كافة الأنشطة والاحتفالات.
"حفلات التخرج "عن بعد" قليل من الفرح في زمن كورونا"، يرى كثيرون أن حفلات التخرج عن بعد أصبحت شيئاً إجبارياً بسبب جائحة كورونا وأصبحوا مسلمين بهذا الوضع، في ضوء عدم إمكانية التجمعات وإغلاق العديد من الأماكن في ظل هذه الظروف، فيما قال آخرون حتى وإن كانت عن بعد فهي فرصة للطلبة للتعبير عن فرحتهم بالتخرج، بيد أن قلة ترى بأنها ظاهرة غير مجدية وفي ظل هذه الظروف يمكن أن يتم إلغاءها بشكل كلي.
"نشأت تخرج الجامعات في الأردن"،رافق إنشاء الجامعات في الأردن في النصف الثاني من القرن الماضي حفلات التخريج للطلبة، وكانت هذه الحفلات "حفلات التخرج" تقام تحت الرعاية الملكية السامية، وكانوا الخريجون في تلك الفترة يحصلون على فرص عمل بعد التخرج مباشرة نظراً لقلة الخريجين وحاجة سوق العمل، وبعد أن كثرت الجامعات أصبح التخرج مظهراً أساسياً من مظاهر العملية التعليمية حتى وإن كان أعداد الخريجين فائقة، وفي الفترات الأخيرة لم تقتصر حفلات التخرج على الجامعات فقط بل امتدت إلى المدارس وإلى مراحل ما قبل المدرسة "رياض الأطفال" و "البستان التمهيدي"، لذلك كان للتخرج أثر كبير سواء عند طلاب المدارس بكافة المراحل الدراسية والعمرية وطلاب الجامعات بمرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا، وكانت حفلات التخرج تقام داخل حرم الجامعة أذا كانت الجامعة تمتلك مساحة واسعة ومعدة للتخرج وتستقبل أعداد ضخمة من الخريجين كالجامعة الأردنية والتكنولوجيا واليرموك وآل البيت ومؤتة والهاشمية والبلقاء وغيرها من الجامعات التي تمتلك مساحة واسعة لضم أعداد الخريجين والاحتفال بهم داخل حدود الجامعة، لكن في المقابل كانت بعض الجامعات تستعين بأماكن أخرى واسعة غير الأماكن الموجودة في الجامعة نفسها للإحتفال واحتواء الاعداد الضخمة من الخريجين ،وكانت المظاهر تتمثل بالتحضير المسبق لحفلات التخرج "البروفا" والتجهيز من قبل إدارة الجامعة، وأمتدت التجهيزات إلى الأهل وذهابهم مع أبنائهم الخريجين إلى حرم الجامعة أثناء حفلات التخرج لمساندة أبنائهم والاحتفال معهم والتصفيق لهم، ولحظة استلام الطالب للشهادة ونظرت الفخر والفرح من قبل الأهالي واعتلاء أصوات الزغاريد وغيرها من مظاهر الاحتفالات في البيوت والشوارع، فجميع هذه المظاهر كانت تحدث ويعم الفرح في ظل الظروف الاعتيادية الطبيعية التي كان يعيشها أبنائنا الطلبة في كافة المدارس والجامعات، ولكن بعد انتشار فيروس كورونا فرض قيود بقوة على جميع مظاهر الحياة الطبيعية أغلقت الدول والمساجد وأغلقت القطاعات العمالية وأغلقت المدارس والجامعات وأصبح التعليم عن بعد، والصدمة الكبيرة التي تعرض لها أبنائنا الطلبة أنه تم إلغاء جميع مظاهر التخرج والاحتفالات في المدارس والجامعات والاكتفاء فقط بالتخرج الافتراضي "أون لاين" دون ممارسة كافة مظاهر التخرج والفرح والابتهاج ولبس الروب وجميع المظاهر التي سبق ذكرها، ففي ظل هذه الظروف تم الاكتفاء بإنهاء جميع متطلبات المرحلة الدراسية المدرسية والجامعية والحصول على الشهادات المختومة والمصدقة بعد إعداد براءة الذمة كاملة، واكتفت مظاهر التخرج كلاً حسب ما تم الاتفاق عليه كل طالب مع عائلته.
"الإجراءات والقرارات التي اتخذتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فيما يخص الجامعات"، أوعز وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور محي الدين توق إلى رؤساء الجامعات بإتخاذ الإجراءات اللازمة لإقامة حفلات تخريج الطلبة في مختلف التخصصات والدرجات العلمية الفصل الدراسي الحالي "افتراضياً" عن بعد، وجاء ذلك في كتاب وجهه الوزير لرؤوساء الجامعات إلتزاماً بخطة الدولة للحفاظ على صحة المواطنين ومنع انتشار فيروس كورونا المستجد، ونظراً لتعذر تنظيم حفلات التخرج هذا العام، وفي المقابل أشار وزير الصحة الدكتور سعد جابر أنه ونظراً للوضع الوبائي الحالي في المملكة فمن الصعوبة الآن إقامة حفلات التخرج لطلبة الجامعات، وأكد أن الحفلات ستكون عن بعد وذلك للحفاظ على الإنجاز الذي وصل إليه الأردن في مكافحة فيروس كورونا.
"التخرج الافتراضي يثير استياء الطلبة.. والتعليم العالي تؤكد الخيار للجامعات بعد تحسن الوضع الوبائي في المملكة"، في وقت تجتاح صفحات مواقع التواصل الإجتماعي موجة من الاستياء العارم يقودها طلبة جامعات على موعد من التخرج استهجاناً لما يصفونه بقرار لوزير التعليم العالي والبحث العلمي بإقامة حفلات تخريج افتراضية عن بعد حفاظاً على السلامة العامة في ظل جائحة كورونا، وتؤكد الوزارة في قرارات متخبطة ما بين الإلغاء التام وترك القرار للجامعات حسب الوضع الوبائي القائم في الدولة الأردنية، إنها لم تتخذ قرار بهذا الشأن بشكل صارم، مشيره إلى كتاب وجهته إلى الجامعات لا يتعدى مضمونه إقتراحاً مع ترك الأمر للجامعات نفسها، وما يزال قيد الدراسة والنقاش، لكن طلبة الجامعات وذويهم الذين ينتظرون بشغف حفل التخرج يأخذون الأمر على محمل الجد، ويعتبرون أن حفل التخرج حق من حقوقهم الجامعية ومناسبة لا يتنازلون عنها؛ لأنها قد لا تتكرر وستبقى في ذاكرتهم بقية حياتهم.
نَفِى الناطق الإعلامي بإسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مهند الخطيب أن يكون لدينا أي تصريحات حول موضوع التخريج؛ لأننا في الأصل لم نصرح عن القرار وأن ما حصل هو تسريب للكتاب بعد توجيهه من الوزارة للجامعات، ولم يصدر أي قرار رسمي بعد، وإنما توجيه بأن يكون التخريج افتراضياً نتيجة الظروف الصحية في البلاد مع ترك المجال بتقديم المقترحات للجامعات، وتابع الخطيب ليس لدينا شيء لا تصورات ولا أفكار ولا يوجد شيء يعمم؛ لأن الموضوع ما يزال قيد الدراسة، فالقرار ليس نهائياً وفي حال إتخاذ القرار رسمياً سيتم تعميمه إعلامياً من قبل الوزير كما تجري العادة.