مستقبل التعليم الطبي
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
12-07-2020 01:27 PM
اكتب هذا المقال لاجيب على سؤال: كيف هو السبيل لتكون اي كلية طب قادرة على المنافسة عربيا و عالميا في السنوات القادمة و جاذبة للطلبة من الخارج.
اولا لا بد ان اشير الى ان التعليم الطبي تغير كثيرا و المنافسة اصبحت على اوجها و من لم يركب قطار المستقبل سيبقى في المحطة الحالية، التعليم الكلاسيكي لم يعد جزء من المستقبل وسط التطور التكنولوجي و الذكاء الاصطناعي. كم لم يعد ممكنا ابقاء مواضيع طبية على الهامش و هنا اقصد تحديدا علم النفس و علم السلوك و اساسيات البحث العلمي. قد تكون كليات الطب الناشئة حديثا مثل اليرموك و الهاشمية و البلقاء الامل في سد الفجوة في التعليم الطبي اذا احسنت التدبير و هنا اقصد مواكبة ما يتطلبه التعليم الطبي في المنافسة كما سافصل لاحقا.
لكن انطباعي الحالي ان هذا الكليات تسير على منهج كلية الطب في التكنولوجيا و الاردنية و كلتاهما اكتسبتا السمعة و الجودة بما كان مطلوب في حينه.
لتكون اي من الكليات الثلاث متميزة لا بد من منهج جديد يستخدم المحاكاة في التعليم الطبي و ان تقدم تدريسا طبيا يجعلها جسرا لمن يريد استكمال التخصص في امريكا و كندا بالدرجة الاولى لان هذا الدول هي القادرة على استيعاب عدد الخريجين المتزايد في مرحلة الاختصاص.
الاردن تميز بتصدير الكفاءات المميزة في الطب للدول الاخرى و لكن ذلك يتغير فتلك الدول تطلب الان مستوى معين بجودة عالية سنحتاج ان ننافس فيها دول كثيرة.
تكمن المشاكل في التعليم الطبي حاليا في عدد الطلبة المرتفع مع عدم وجود اماكن او مستشفيات كافية لتدريبهم.
كما ان التدريب لا بد ان يكون متميزا ليكون قادرا على المنافسة. بدأت بعض الجامعات خارجيا باستخدم تعليم المحاكاة الطبي من خلال مراكز محاكاة متكاملة و حقيقية (و ليست دعائية لذر الرماد في العيون). يتعرض الطالب خلال تدريبه في مركز المحاكاة لكافة السيناريوهات الطبية في كل تخصص من قبل اساتذته في الجامعة بما في ذلك الفحص السريري و التشخيص المتعدد و الفحوص الشعاعية و المختبرية الى خيارات العلاج. بالتالي يصبح ما يحتاجه الطالب من التدريب السريري في المستشفى تطبيق ما تعلمه و طريقة التواصل و احترام خصوصية المرضى.
بالنسبة للتدريس فهو مرحلتين الاولى الشرح و تربيط المعلومات (explain and integrate) و الثانية هي التعميق و التركيز بحيث تكون المرحلة الاولى تمهيدا للثانية.
المرحلة الثانية في التدريس هي الاهم لانها تعطي الوزن للمعرفة التي سيحتاجها الطالب لاحقا في حياته العملية و امتحانات القبول العالمية.
لذلك فان كلية الطب التي ستبني تدريسها على ما هو مطلوب للاختصاص و امتحانات القبول في الولايات المتحدة و كندا و استراليا هي من ستكون جاذبة و قادرة على المنافسة حيث ستمثل جسرا للطلبة من انحاء العالم للعبور الى الاختصاص في تلك الدول.
ما فاجأني ان بعض الطلبة في أمريكا ممن لم يحصلوا القبول داخليا يذهبون لكليات طب اعتمدت ذلك المنهج لتكون اللبنة الاولى في اعدادهم لامتحان USMLE للعودة لبلدهم.
اي ان اي كلية تعتمد هذا المنهج في الاردن ستكون جاذبة للطلبة من العالم اجمع بما فيه طلبة امريكا على البرنامج الدولي.
الفرصة الان لليرموك و الهاشمية و البلقاء لتأخذ هذا الخط و بذلك فانها خلال سنتين ستكون منافسة للاردنية و التكنولوجيا و لكن بمنهج جديد مطلوب بشدة. يبقى ادراج علم النفس و السلوك و مبادئ البحث العلمي وفق ما هو مطلوب في كليات الطب الغربية و ليس وفق اجتهادات شخصية فلا داعي برأيي الى اعادة اختراع العجلة بما انها موجودة.
سافصل في هذا كله في مقال قادم و لكنني الخص الحاجة لتغيير التدريس وفق ما هو مطلوب في امريكا الشمالية و الاستثمار في مراكز المحاكاة التدريسية الطبية لتجاوز الزيادة في اعداد الطلبة و ما ينتج من تراجع في جودة التدريس الطبي. و تبقى النقطة المهمة في ان تترك كل جامعة بصمتها في خدمة و تطوير المجتمع المحلي و لكن ذلك يحتاج مقال منفصل.
حفظ الله الاردن وقيادته الهاشمية و مؤسساته الوطنية و شعبه الكريم.