موقف الاتحاد الأوروبي من الضم
أ. د. ناهد عميش
12-07-2020 09:40 AM
منذ إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي عن خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل، كان موقف الاتحاد الأوروبي واضحاً بالرفض ،حيث أكد أن الاستيطان مخالف للقانون الدولي ، وبأن مشروع الضم سيواجه اعتراضاً كبيراً من قبل الاتحاد.
وقد أصدر الاتحاد بياناً في هذا الشأن وقعته خمس وعشرون دولة من الأعضاء من أصل سبع وعشرين، دون الحديث عن عقوبات.
وطالب ١٠٨٠ نائباً أوروبياً، عبر رسالة تم نشرها في الصحف الأوروبية قادة دولهم بوقف مخطط إسرائيل في الضم ، وقالوا إن " مثل هذه الخطوة ستقضي على آفاق عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية وتهدد المعايير الأساسية التي تدير العلاقات الدولية وبينها ميثاق الأمم المتحدة".
مشروع الضم هذا، يواجه معارضة من العديد من الدول، فإلى جانب السلطة الفلسطينية والأردن وبعض الدول العربية، يأتي الاتحاد الأوروبي في طليعة أولئك الذين يحاولون وقف المشروع الإسرائيلي.
تاريخياً، كان الاتحاد الأوروبي أول من اتخذ موقفاً تجاه الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وكان هذا منذ إعلان البندقية (1980).
ولكن إلى أي حد يستطيع الاتحاد أن يفرض قوته في موضوع الضم، وبخاصة وأن فرض عقوبات على إسرائيل في حال قامت بالضم بحاجة لموافقة ٢٧ دولة. ومن المتوقع أن تعارض بولندا والنمسا والمجر، فرض هذه العقوبات إذ كانوا قد عطلوا في الماضي العديد من القرارات الأوروبية التي اعتبرت مناهضة لنتنياهو. ولكن بالرغم من هذا الاحتمال، إلا أن الدول الأكثر تأثيراً في الاتحاد اتخذت موقفاً جذرياً ضد الضم، وهي قادرة على حشد دعم كافٍ داخل الاتحاد لاتخاذ خطوات عملية جماعية في حال تعذر اجماع كافة دول الاتحاد الأوروبي. وهنا ممكن أن تكون ضمن الخيارات وقف اتفاقية الشراكة التجارية كلياً أو جزئيا، ما سيشكل ضربة موجعة لإسرائيل.
وقد جاءت ردود عدّة من قبل الساسة الدوليين تجاه هذا المشروع، فبالرغم من خروج بريطانبا من الاتحاد الأوروبي، إلا أن موقفها الرافض للضم يعزز الموقف الأوروبي نحو القضية، فقد نشر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مقالاً في صحيفة "يديعوت أحرونوت" عبّر من خلاله عن موقفه الرافض للضم، وطالب الحكومة الاسرائيلية بوقف خططها لضم الأراضي الفلسطينية، ووصفت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، مخطط الضم "بغير الشرعي".
وفي اتصال هاتفي،طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نتانياهو بالتخلي عن مشروع ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أكد بأن هذا يتعارض مع حل الدولتين، كما أكد وزير الخارجية الفرنسي بأن عملية الضم الإسرائيلية لن تمر دون عواقب.
مما لا شك فيه أن الموقف الأوروبي كان له دور كبير في تأجيل أو إلغاء فكرة الضم حالياً، وذلك لأسباب عدّة منها: أن إسرائيل لا تريد أن تعرض علاقتها الاستراتيجية مع الاتحاد اقتصادياً وسياسياً للخطر أو التفكك، وثانيًا تعرف إسرائيل حملة المقاطعة ضدها هي الأقوى عالمياً وفي حال ضمها للأراضي الفلسطينية سوف تتصاعد وتأخذ أبعاداً مختلفه، وسوف تعمل على إعطاء دفعة قوية لحركة المقاطعة العالمية، وأخيراً فإن الموقف السياسي الأوروبي ساهم في زيادة الانقسام الداخلي في إسرائيل حول مسألة الضم.
الاتحاد الأوروبي بقيادة ألمانيا وفرنسا، في السنوات الماضية، حرص على أن يلعب دورًا سياسيًا مهمًا في المشهد الدولي، مستقلاً عن المواقف الأميركية. لا شك بأن الثقل السياسي للاتحاد الأوروبي في المشهد الدولي يعتبر على المحك الآن، فهل سينجح الاتحاد بفرض عقوبات في حالة قيام إسرائيل بعملية الضم، من شأنها أن تشكل الخطوة الأولى في اتخاذ مسار مخالف للمسار الأميركي ويحمل طابع الحسم والشدة والإجماع في المشهد السياسي الدولي ويثبت للعالم أنه يشكل قوة سياسية مؤثرة؟