أزمة الغذاء قادمة .. فلنتحرك من الآن
مجيد عصفور
12-07-2020 12:01 AM
كعادته يسبق الملك الجميع في استشراف المستقبل وتوقع الأزمات والاستعداد لها، في أزمة الكورونا لم يضيع جلالته ساعة واحدة في الانتظار والتردد وقاد على الفور خطط الوقاية من الفيروس، وبفضل هذا التحرك السريع امكن حماية أرواح المواطنين وإنقاذهم من الهلاك والسقوط بالعشرات أو بالمئات أو ربما أكثر كما زهقت أرواح مواطني دول كثيرة حولنا وبعيداً عنّا.
تهديد كورونا لن يقف عند الجهد الوقائي ولن ينتهي عند اكتشاف اللقاح أو العلاج، إذ إن التداعيات التي سيخلفها إعصار كورونا ستخلق أزمات جديدة وستضع العالم كله أمام تحديات كبيرة عنوانها الأبرز الركود الاقتصادي الذي بدأت مقدماته تضرب الدول بوضوح حيث مئات الآلاف ينضمون إلى فئة التعطيل عن العمل ما يعني بالضرورة اتساع دوائر الفقر وزيادة أعداد المحتاجين للمساعدة.
جلالة الملك تنبّه إلى أن العالم سيواجه أزمة غذاء وهو استشراف مبكر لأزمة قادمة تهدّد بالجوع شعوباً كثيرة.
الملك دعا أيضاً إلى جعل الأردن مركزاً إقليمياً للغذاء وهذا يعني أن على الحكومة والأجهزة المختصة العمل من الآن لوضع الخطط التي تؤمّن الغذاء للأردنيين وتجعل الأردن يأكل مما يزرع ويستخدم الفائض لتأمين ما لا ينتج محلياً بالمبادلة السلعية (وبالنقد) فيكون في مأمن من جائحة الجوع، كما استطاع أن يكون في مأمن من جائحة كورونا.
إن مثل هذا الهدف الاستراتيجي لا يتحقق بالكلام دون الفعل ولا بإلقاء المسؤولية على جهة واحدة فعندما تكون التحديات تمس حياة كل الناس فالواجب يقتضي مشاركة الجميع في هذا الجهد.
المسألة تحتاج إلى تخطيط يتضمن كل عناصر تأمين الغذاء فلدينا أراضٍ صالحة للزراعة لكنها لا تزرع ولدينا طاقات شبابية معطلة إذا ما تم توجيهها نحو زراعة الأراضي المعطلة فسيتضاعف الانتاج بالتأكيد، ولدينا أيضا غورنا الذي يعتبر أهم مصدر للخضار في المنطقة ولدينا فائض من ثمار الزيتون والزيت الذي يحتاج إلى تسويق ليدر علينا عملة صعبة نشتري بها ما ينقصنا ولدينا بالطبع الحمضيات والتمور وغيرها من خير أراضينا، ولدينا أيضاً الإنتاج الحيواني من الماشية والدواجن وما يتفرع منه من إنتاج الألبان والأجبان والبيض وبالطبع اللحوم الحمراء والبيضاء.
إن تحدي الغذاء القادم يحتم علينا أن نقاوم غريزة الاستهلاك المفرط وأن نكبح الشهوات ونتوقف عن استيراد الرفاه ونكتفي بما تعطينا أرضنا من خير وهو كثير تتمناه شعوب كثيرة.
لقد تأخر التفكير بإقامة صناعات غذائية بدون مبرر إلى أن وصلنا إلى مرحلة لا تحتمل مزيداً من التلكؤ في هذا الأمر.
علينا أن نبدأ من الآن بالتحوّط والتحضر لمواجهة أزمة الطعام القادمة حتى لا يدركنا الوقت فنجد أنفسنا وسط مزاحمة صعبة للفوز بأرغفة الخبز.
الرأي