جاءني عبر الهاتف صوت صديق محبط يبحث عن سبيل إلى خارج البلد مرددا المثل ( لا عمر بجرش حجر).
كان الرجل ناشطا بالقلم مدافعا عن الحق ناقدا للخطأ والفساد حتى انقطع نفسه ولا جواب أو نتيجة.
قال لا فائدة بما نكتب فلم يعد للكلمة الصادقة مقام بل وأصبح الحريص على المصلحة العامة والمال العام ( حمار يحمل السلم بالعرض) _ حسب تعبيره _.
لقد اخفت الحكومات الأردنية عن المواطن سرا كبيرا واكتشافا خطيرا كان يمكن أن يضعنا في درجة متقدمة عالميا في مجال براءات الاختراع، فقد سبق لحكومة ان تبنت برنامج إنتاج لقاح ضد وخز الضمير يعطي نتائج مذهلة في التخلص من آلام وخز الضمير وضد صداع الرأس الناتج عن كلمات الكتاب المشاكسين الذين يتصيدون أخطاء الحكومات واخفاقاتها والذين فضحوا سمعة المسؤولين أمام الأجانب.
منذ ذلك الحين كان توزيع اللقاح المعجزة فقط على من يتبوأون مناصب رفيعة، وقد ثبت بالتجربة نجاح اللقاح بصورة مدهشة، فمنذ اختراعه لم يتمكن الكتاب المعارضون ولا الحملات الاعلامية ولا حتى شتائم او تذمر الناس في الدواوين من إسقاط وزير او نائب او مدير من منصبه مهما فعل او فسد او طغى، وإلا كيف نفسر عدم اكتراث الوزراء والنواب والمدراء بما يطالهم عبر الصحافة ومواقع التواصل وأحاديث الناس؟؟
وكيف نفسر تنقل الوزراء وابناء الكبار من منصب إلى منصب ومن مجلس إدارة إلى آخر دونما التفات الى أصحاب احتجاج او نقد،
وكيف نفسر نكوص الحكومات عن قراراتها وتماديها في مد يدها الضريبية والتسعيرية إلى جيوب الناس دونما رادع من كبير أو ضمير.
وكيف نفسر مسرحية التنافس على المناصب القيادية واقصاء الشرفاء والمخلصين وأصحاب الكفاءة؟؟
المشكلة التي لم يحسبوا حسابها انهم اخترعوا لقاحا ضد وخز الضمير وضد صداع الانتقادات ولكنهم لم يصلوا بعد إلى لقاح شعبي ضد خروج الناس إلى الشوارع وإغلاق الدوار الرابع كما حدث عند اقتلاع ذات حكومة.
أيها السادة لا يوجد لقاح يمكن أن يجعل الساحة السياسية مزرعة دواجن، ولا لقاح يحول دون تحول أظافر الفقراء إلى مخالب واسنانهم إلى انياب كاسرة.