ترددت قبل كتابة هذا المقال لكن لا مجال للتأجيل أكثر من ذلك فالأمر من الممكن أن يتمادى ليصل كل أسرة وكل أنثى حتى أنا.
إلى متى و إلى أين سوف تأخذنا هذه الظاهرة ألهاذا المستوى انعدم معنى الانسانية ألهذه الوضاعة وصلت أرواحنا البعد عن الله البعد عن الدين البعد عن الأخلاق البعد عن الشرف البعد عن الأدب ماذا أيضاً !! ألهاذا خلقت حواء من ضلع آدم !!.
ظاهرة التحرش هي ظاهرة ليست مقرونة بلباس، مظهر خارجي، عرق أو لون، مجتمع ولا معتقدات هي ظاهرة تعبر عن مدى الحيونة الوحشية في داخل المتحرش والمطالب بالسكوت عنه. نحن في زمن أصبح كل حرام حلال بل نعتبره تحرر وهذا كله للبعد عن الله ولإنحدار مستوى الأخلاق، إذا لماذا ما زال المتحرش يقدم على هذا العمل، أغريزته هي من توجهه ؟؟.. بالطبع لا هي ليست غريزة والدليل أن هنالك العديد من الرجال أسوياء ولا يقبلون على هذا الفعل بل يشمئزون منه ولا يجدون فيه أي متعة بل يصنفوه كنوع من أنواع الإغتصاب.
التحرش بشتى أنواعه مرفوضٌ تماماً سواء كان جسدياً أو لفظياً أو حتى بالنظر، بل من وجهة نظري أن اللفظي أبشع
وأخطر من الجسدي لأنه يمكن ممارسته في أي مكان وأي ظرف مع إستخدام أقذر الألفاظ اللغوية والتعبرية المقززة.
هنالك من يرمي السبب على النساء المتبرجات إذن لماذا تتعرض من ترتدي الزي الشرعي والنقاب والخمار للتحرش!! ومن يخص الأحياء الشعبية ودول العالم الثالث بها إذن لماذا تعم جميع أحيائنا والمجتمع الغربي المتطور لماذا يشهد الشارع الأمريكي والأوروبي العديد من سجلات التحرش والإعتداء الجنسي !!.. إذن هذا يؤكد أنها ظاهرة لا تعرف ولا تميز بين عرق لون مظهر عقيدة، ظاهرة غير فطرية خارجة عن الطبيعة لذلك من الصعب تقبلها، لكن جهل البعض يلقي اللوم على الضحية دائماً كما هي طبيعة الحال بمختلف قضايا المجتمع.
في حال تم ربط علم النفس والإجتماع بظاهرة التحرش فإن علماء النفس منظورهم أنها آفة خطيرة أخذت في التفاقم أكثر فأكثر في الآونة الأخيرة عالمياً يعود سببها لنقص الوازع الديني وإنحطاط الاخلاق وعرفتها د. فدوى عبد المعطي بأنها أزمة أخلاق، كما أوضحت أن مجتمعنا مجتمع ذكوري كان أكثر توازناً وأصبح الآن مريضاً نفسياً يلصق مرضه الجنسي وكبته في أسباب ظاهرية غير واقعية يعلق خطئه على الأنثى.
التحرش عالمياً
كما أوضحت ريتشل جوكيز مديرة برنامج what works to prevent violence against women and girls أن التحرش جزء من الحياة اليومية ويوظف لإعاقة حرية النساء في الشارع.
أشارت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن واحدة من كل ثلاث نساء عالمياً تتعرض للتحرش على الأقل مرة واحدة في حياتها. كما أن مبادرة (safe city) تهدف لتوعية النساء بنوعية المضايقات التي تتعرضن لها وإقناعهن بتسجيل حالات التحرش التي تعرضن لها والبوح بها بدون الكشف عن هويتهن من خلال الموقع الرسمي وذلك لعمل خارطة عالمية تفاعلية توضح أماكن تمركز المتحرشين في المدن على مستوى العالم كافة.
كما أطلقت حملة (أنا أيضاً) من مومباي إلى لندن وواشنطن وغيرها من مدن في 2017 التي شاركت فيها مختلف النساء من العالم قصصهن مع التحرش.
تعد قارة آسيا من أعلى نسب التحرش بشكل عام لكن هذا لا يعني إقتصار الظاهرة أو الآفة في حدودها بل على العكس، على سبيل الذكر سجلت الدنمارك في الـ 2012 أعلى نسبة تحرش في المجتمع الأوروبي حيث بلغ عدد النساء حينها اللاتي تعرضن للتحرش 52% من إجمالي عدد النساء في المجتمع الدنماركي. أما بريطانيا فسجلت أنه أكثر من 40% من نساء المجتمع الإنجليزي تعرضن للتحرش في 2011. إضافة لذلك أوضحت دراسة تابعة لمؤسسة (Stop street harassment) البريطانية أن أكثر من 35% من نساء المجتمع البريطاني تعرضن للتحرش أو لمس جنسي غير مرغوب به في حياتهن .
كما يشار إلى دراسة نشرت من خلال موقع world population review أن 35% من النساء عالمياً يتعرضن للتحرش وأن ما نسبته 40% منهن فقط يطلبن يد المساعدة و أقل من 10% من يلجأن للقضاء لإنصافهن.
في ناحية أخرى من العالم، في البرازيل تحديداً من خلال دراسة إحصائية حول نسبة النساء اللاتي تعرضن للتحرش كانت النتيجة أن 86% من النساء اللاتي تقدمن للدراسة تعرضن للتحرش و الأغرب من ذلك أن 84% من هؤلاء النسوة تعرضت للتحرش من قبل رجال الشرطة. أما المكسيك فإن 8-9 من كل 10 نساء يتعرضن للتحرش. الأمر ليس بالأفضل في إفريقيا فالنساء هناك يعانين كبيقة نساء العالم. أما القارة البعيدة استراليا تشير الإحصائيات أن 87% مِن مَن شملتهن الدراسة تعرضن للتحرش اللفظي أو الجسدي في الشوارع وأن 40% منهن لا يشعرن بالأمان في المشي خاصة ليلاً. أما بالنسبة لنساء المجتمع الأمريكي فإن 65% منهن تعرضن للتحرش، 37% لا يشعرن بالأمان في منازلهن الخاص ليلاً، 83% من الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن من 12-16 عاماً تعرضن للتحرش في المدارس.
التحرش في الأردن و القانون
الأسوأ نعيشه بيننا، و هذا بسبب تنمر المجتمع للضحية وعدم تقبل فكرة المطالبة بحق الضحية، عادات وتقاليد خانقة لا تمت لديننا بشيء خنقنا العيب أنت أنثى وابتعدنا عن فضائل ديننا الحنيف. تتعرض في مجتمعنا أكثر من 80% من نسائه للتحرش سواء كان لفظي جسدي إلكتروني وغيره وفي بعض الأحيان يكون الجاني من العائلة والأقرباء.
قانويناً تشير المادة 306 بعقوبة للجاني أكثرها بالسجن 6 أشهر أو مبلغ مالي يتراوح من 30-200 دينار سواء تعرض لأنثى مهما كان عمرها أو لمن لم يكمل 18 عاماً بينما تنص المادة 305 من نفس قانون العقوبات بالحبس من شهر إلى سنتين كل من داعب بصورة منافية للحياء شخصاً لم يكمل ال 18 عاماً ذكر أو أنثى أو حتى أكمل 18 عاماً. تكاد لا تخلوا أي مؤسسة حكومية أو خاصة من إعتداءات جنسية بالموظفات أو المراجعات حتى من خلال النكات البذيئة غير الأخلاقية، كما تتعرض بعض الفتيات للتحرش الجنسي من قبل بعض الأساتذة في الجامعات، حتى في بعض الأحيان تتعرض النساء في مجتمعنا للتحرش من قبل الأطباء، والعديد غيرها من الأمثلة. ليبقى السؤال إلى متى السكوت وإلى أين ستؤدي بنا هذه الآفة.
يجب علينا الحد من هذه الظاهرة مع إعادة هيكلة مفهوم العيب في مجتمعنا، مع إحتواء الضحية لا جلدها وإتقان جلدها لذاتها بصورة غير مباشرة، مع ضرورة إستحداث قوانين وتشريعات لحماية الضحية التي بالنهاية سوف تصب في صالح الوطن والمواطن. كما تلعب أسس التربية الصحيحة السوية منذ الصغر وتوعية الطفل المبكرة بمدى أهمية الأنثى وأن إحترامها بحد ذاته أكبر رجولة دور كبير دور كبير وهي من أهم الطرق للحد والقضاء على هذه الظاهرة.