اذا استمرت مناخات التدهور المالي وحالة الجمود الاقتصادي فان لبنان مقبل على كارثة معيشية وفوضى اجتماعية قد تطال المؤسسات وحتى العقدة الاجتماعية التى كان لبنان قد اعاد صياغتها فى الطائف والدوحة، وهى الخلاصة التى استخلصها اغلب المحللين الاقتصاديين والسياسيين.
فالارادة السياسية فى لبنان مازالت مختطفة وبالتالى سيصعب توظيفها لتحقيق حالة تصحيحية تجاه الاوضاع المالية والاقتصادية، فى ظل حالة التدهور الاقتصادى والسقوط الحر للعملة اللبنانية والمناخات الطائفية التى تشكل ثماني عشرة طائفة من بينهم سبع طوائف مسيحية، وهذا ما يشكل عقدة مجتمعية مرتبطة بالعقائد المذهبية.
فلا اجواء اسقاط النظام اللبنانى ممكنة، ولا اجواء الاصلاح متوفرة، ضمن واقع الحالة الاجتماعية السائدة، لذا فان امكانية ايجاد مخرج للحالة اللبنانية ضمن هذه المعطيات قد تكون صعبة بل وغير متوفرة، وهذا ما قد يؤدى الى دخول لبنان بمناخات من الفوضى ودوامات من العنف فى ظل مناخات التسلح الطائفي المنتشر فى المجتمع اللبناني، وهو السيناريو الذى يتوقعه بعض المحللين وإن كان يشكل استنتاجا واقعيا الى حد التشاؤم.
اما السيناريو الاخر الذى يقوم من على ارضية التفاؤل بواقعية فانه يقوم على تدخل جراحى بمساعدة المجتمع الدولى على ان يقترن ذلك بمناخات بالاستجابة الشعبية، وهذا السيناريو يتمثل فى اعادة اصلاح الوضع الاقتصادى والمالي فى لبنان وفق برامج يتم دعمها دوليا من خلال مؤتمر وينبثق عنه خارطة طريق تشكل منطلقا اساسيا لاعادة تموضع مسارات العمل الاصلاحية الاقتصادية والمالية على ان يواكب ذلك الشروع بتطبيق سيادة القانون وانهاء ازدواجية العملة والسلاح، اضافة الى برنامج متمم يقوم على المواطنة.
لكن هذا السيناريو بحاجة الى جهود دولية راعية ومحتوى شعبي مستجيب وبرنامج عمل اجتماعى يهضم برنامج المواطنة، ويحقق برنامج المصالحة على قواعد جامعة تحت عنوان، فليكن لبنان فوق الجميع، فهل ستلتقط القوى اللبنانية اللحظة التاريخية وتلتقى حول لبنان، وتعمل من اجل لبنان، ومن اجل لبنان فقط، ام انها ستستكين للواقع الذى يزداد صعوبة عن كل يوم، وترضخ بذلك للجغرافيا القدرية وللمناخات المذهبية التى لم تستطع تشكيل دولة بمفهوم العقد الاجتماعي بقدر ما كانت تقوم حول اطار جامع يجمع المكونات الفرعية فى مظلة واحدة، وهو سؤال سيبقى برسم الاجابة للقوى والقيادات اللبنانية ؟ !.
الدستور