أعلنت الحكومة حزمة من الإجراءات من أجل وقف الإغلاق أمام السياحة العلاجية واستقطاب المرضى الراغبين بتلقي العناية الصحية في الأردن. فتح الأبواب جاء ضمن تعليمات عزل واضحة للمرضى ومرافقيهم داخل المستشفيات أو الفنادق التي سيقيمون بها بالإضافة لطلب فحص “كورونا” قبل القدوم للأردن للتأكد من خلو القادمين من هذا الوباء. أهمية فتح الأبواب أمام السياحة العلاجية تكمن في البناء على ما تحقق من نجاحات صحية بمواجهة وباء “كورونا” واستثمار ذلك اقتصاديا، فلا يعقل ان لا يترجم النجاح الصحي لخطوات استثمار عملية ونكتفي بالاحتفاء بما تحقق دون جني ثماره. استثمار النجاح الصحي والاستفادة من ذلك اقتصاديا لهو أهم ما يجب أن يكون بذهنية القرار في هذه المرحلة.
قرار الفتح جيد وتوجه اقتصادي وسياحي سديد، لكني أخشى من رفع سقف التوقعات في شأن السياحة العلاجية، فقد كانت وما زالت تعاني من تعقيدات بيروقراطية واخرى قطاعية جعلتها تتراجع في مرحلة ما قبل “كورونا”. إذا لم يكن هناك انتباه لحل المعيقات البيروقراطية، وإذا لم يكن هناك جدية من قبل المستشفيات المستقبلة للمرضى بضرورات الشفافية والتسعير بشكل واضح ومنطقي، فالارجح اننا لن نستفيد من فتح الأبواب أمام السياحة العلاجية. قلة معزولة من المستشفيات تعاملت مع السياحة العلاجية بجشع غير مقبول فهربت تلك السياحة لدول أخرى مثل لبنان وتركيا، بعد أن اساء تعامل بعض المستشفيات لسمعة وصورة قطاع السياحة العلاجية. يبدو أن هناك انتباها لهذا الأمر فقد أعلنت الأسعار على منصة التسجيل للراغبين بالقدوم للاستطباب بالأردن، لكننا نعلم أن من يريد خداع المرضى فلن يعوز الوسيلة، لذا لا بد من رقابة رسمية بطريقة حضارية على فوترة المؤسسات التي قد تسمح لنفسها باستغلال المرضى. هذا الأمر لا يعيب المستشفيات بالمطلق، بل ان تلك الملتزمة سترحب بهكذا رقابة سعيا وراء الشفافية وتحصينا لمسموعات قطاعنا الطبي المتميز.
السياحة رأس مال وطني حقيقي، والسياحة العلاجية أحد أهم عناصره، وقد كنا قادة في الإقليم لهذا النوع من السياحة لولا بعض الممارسات وبعض التعقيدات البيروقراطية. الآن وقد تعززت مسموعات القطاع الصحي الأردني من جديد لا بد وان يتبع ذلك بإجراءات ميسرة وشفافة من قبل الجهات الرسمية ومن قبل المستشفيات المستقبلة. آخر ما نريد حدوثه الآن أن تقوم بعض المستشفيات باستغلال المرضى فتؤذي نفسها والقطاع الطبي برمته وتسيء لكل النجاح الذي تحقق والذي سمح بان نصل لمرحلة إعادة فتح الأبواب أمام السياحة العلاجية. نحتاج آليات رقابة وآليات تظلم وشراكة حقيقية بين القطاع العام والخاص للتعامل مع كل ما قد يعترض طريق السياحة العلاجية، وان يتم التعامل مع هذه المعيقات بجدية وشفافية، حماية للسياحة العلاجية وضيوف الأردن القادمين للطبابة في مستشفياتنا، ولا ضير على الإطلاق ان ينتدب رسميون من المؤسسات المعنية للمستشفيات المستقبلة للمرضى من الخارج للمستعدة وحل المشاكل التي قد تنشأ وتعزيزا للشفافية.
الغد