قصة " زين " تنبه لخلل في منظومتنا الاخلاقية!
سهير جرادات
20-02-2010 02:09 PM
انتابتني موجة من تضارب الافكار وانا استمع لقصة " زين " التي تعرضت لها خلال مشاركتها زميلاتها في رحلة مدرسية الى منطقة البحر الميت .
رحلة مدرسية..طالبات يلهون معا.. ضحكات متناثرة هنا وهناك ..تقاسم في الهوايات المشتركة وتبادل الأسرار والأطعمة ، الأمر إلى هنا يبدو طبيعيا.
الى ان ظهر صبية صغار في المرحلة الابتدائية ، كانوا في رحلة مدرسية ايضا في ذات المنطقة.. وجهوا نظراتهم الى طالبات الثانوية اليافعات ، الامر لم يقف عند هذا الحد ، اذ تطور الى التقاط صور بواسطة هواتفهم الخلوية لبعضهن .. أمسكت الفتيات بأحد الصبية بعد ان تنبهن ، ووجهن له سؤالا .. لماذا تصورنا ؟ وكانت الإجابة غير المتوقعة : " نحن نبيعها لطلبة الثانوي!".
عادت بي الأفكار بعد هذه القصة الى البحث عن الأسباب والدوافع التي تجعل من هؤلاء الفتية الصغار يفكرون بالبحث عن الامور المادية التي تنسيهم القيم الأخلاقية التي يتلقونها من أسرهم ومجتمعهم ويتعلمونها في مدارسهم .
لن أفاجأكم ان قلت لكم: إن هؤلاء الصبية يتلقون تعليمهم في مدارس لا تسمح بالدراسة فيها إلا لمن يعيشون في بحبوحة من العيش ، فماذا ينقص هؤلاء كل ما يتمنونه متوافر :"مال ،العاب ، نواد "، وربما اشياء أخرى لا نعرفها تتعلق بالسلوكات والقيم المتبعة في مجتمعنا.
إذن ما المشكلة ؟ ولماذا ؟ اسئلة ليس بالامر الصعب الاجابة عنها ، لكن يبقى السؤال الاهم الذي لم اجد له أي تفسير محتمل، وهو : اين الاهل من كل ذلك؟ .. هل تخضع هواتف هؤلاء الصبية لرقابتهم ؟.. وهل يلحظ الاهل ما يتوافر بين ايدي ابنائهم من اموال تفيض عما يقدمونه لهم من مصروف متفق عليه (يوميا او اسبوعيا او شهريا)؟.
والسؤال الاكثر اهمية هو: لماذا تغيب السياسات التعليمية الفاعلة والمؤثرة في ذهنية هذه الاجيال الناشئة ؟، ما يدعونا الى مطالبة المسؤولين عن السياسيات التعليمية لمراجعة مناهجنا ووالاهتمام بمضامينها ومدى توافقها مع سلوكات الطلبة والتطورات الحديثة التي فرضتها ثقافة العولمة .
ولا نغفل دور الاعلام لتأثيره المباشر في بناء السلوكات ، ودور الخطاب الديني في تنمية الوازع الديني واحترام الخصوصيات والالتزام بالاخلاقيات التي يجب ان يتحلى بها طلبتنا ، و ابناء المجتمع كافة .
ان اكثر ما يفيد طلبتنا في مواجهة السلوكات السلبية الوافدة هو بناء علاقة وطيدة بين الطالب والمدرس من جهة، وبين المدرسة والبيت من جهة اخرى ، والتي تعززها النشاطات اللامنهجية والحوارات المتبادلة بين الأطراف المتعددة؛ للوصول الى خطط وبرامج تعود بالفائدة على الطالب والمجتمع الذي يهمنا ان يبقى متماسكا .
نحن لا نتحدث عن عملية بيع وشراء ، انما نتحدث عن وطن سيكون هؤلاء الصبية في المستقبل القريب هم قادته .
فاذا اليوم بحثوا عن حفنة من المال ؟.. فماذا يمكن لهم ان يبيعوا عندما يكبرون ؟!