التمديد للنواب .. أفضل الخيارات الدستورية
سمير الحباشنة
08-07-2020 02:45 PM
الثابت أن جلالة الملك عبد الله الثاني، حريص على سير الاستحقاق الدستوري المتعلق بالأنتخابات النيابية والألتزام بمواقيته المحددة بالدستور والقوانين والترتيبات الناظمة للعملية الانتخابية، وهذا ما كان أعلنه مؤخراً في اكثر من مناسبه، إلا أن الظروف الاستثنائية التي رتبتها جائحة كورونا على الاوضاع العامة في البلاد، جعلت الذهاب الى أصل المسار الدستوري للاستحقاق الإنتخابي أمر متَعذر... حيث كان من المفروض ان تتم الانتخابات في المدى الزمني الممتد لأربعة أشهر، قبل انقضاء عمر المجلس الحالي والذي ينتهي ب 09/27 من هذا العام.
وبما أنه لم يُعرف بعد متى تنتهي هذه الجائحة أو حتى مواجهة موجة جديدة محتملة منها، فأن إجراء الانتخابات في المنظور من الزمن وقبل إنقشاع الجائحة تماماً يحمل مخاطرة كبيرة، خصوصاً في حالتنا الأردنية، ذلك أن أختلاط الناس والتجمعات والمهرجانات سمة مرافقة بالعادة للموسم الأنتخابي، مع عدم التيقن من مدى التزام المواطنين ب "بروتوكول" الحماية المعلن.
وهو الأمر الذي قد يُفضي الى امكانية انتشار للفيروس على نطاق أوسع واشد ضراوة، بحيث تعجز امكانياتنا العلاجية والوقائية من التصدي له .. فأن التوجه بعدم الاعلان عن موعد للانتخابات خلال هذه الفترة، هو أمر يتسم بالحكمه و الموضوعية . فاذا كانت بعض الفروض العقيدية يمكن تعليقها امام الظروف القاهره ، فكيف هي الحاله مع استحقاق معني بتنظيم الحياه السياسيه ؟ . أذن فالضروره تقضي بعدم التسرع بأتخاذ قرارٍ بهذا الشأن .
اذاً امام هذا الوضع الاستثنائي ، و الظروف القاهره فأن على الدوله أن تذهب الى تفعيل خيارات دستورية أخرى ، حتى يتبين الخيط الابيض من الاسود، فنذهب الى أنتخابات برلمانية و نحن مطمئنون الى أنه لن يقع ضرر على الدوله وعلى مواطنيها.
والحقيقه ان الدستور الاردني و من واقع التجارب السابقة و القراءة و التشاور في اطار الجمعيه الاردنيه للعلوم والثقافه فأنه يُتيح للدولة خيارات دستورية في مواجهة الوضع الأستثنائي حيث أمامنا خيارتٍ ثلاثة :
الخيار الأول : و هو إشتقاق من المسار الدستوري الأصلي المعتمد في الظروف الأعتيادية ، والذي يتيح حل مجلس النواب في اي وقت خلال الفتره الحاليه ، وبالتالي تشكيل حكومه جديده برئيسٍ جديد ، فالمنطوق الدستوري يمنع رئيس الحكومة التي نسبت بحل البرلمان أن يبقى في موقعه أو يقوم بتشكيل الحكومة اللاحقة ، و يترافق ذلك مع تحديد موعد للأنتخابات البرلمانية خلال الاربعه اشهر التي تبدأ من تاريخ الحل. وهذا يعني وفي حالتنا الراهنة و أن تم السير بهذا الأتجاه ، فأننا سوف نذهب الى الانتخابات في ظروف بقاء الجائحة، بل و في ظل هواجس انتشارها بصوره اكبر، نظرنا لما قلناه في السابق عن الأختلاط البشري الذي يترافق مع الأنتخابات . وأن برلماني مخضرم صاحب واحدة من أطول و أهم التجارب البرلمانية ألأردنية يتوقع بأن نسبة الأقبال على المشاركة في الأنتخابات سوف تكون ضعيفة جداً نظراً لخوف الناس من عدوى الكورونا .
لذا فأنني لا أُحبذ هذا الخيار الدستوري ، لأن به مغامرة غير محسوبة و غير متوقعة. فالمدى الذي سوف يندحر أو يتطور به الفايروس .. مدىً غير معروف .
• الخيار الثاني: يقوم على أن لا تُنسب الحكومة بحل البرلمان و لا تصدر أرادة ملكية بذلك ، ويُترك المجلس الحالي حتى يُكمل فترته الدستورية " أربع سنوات " والتي تنتهي بتاريخ 09/27 من هذا العام. و أن ذلك و بالأستناد الى الدستور فهذا يقضي بالعودة الضمنيه للمجلس فيُستتبع ذلك بصدور إراده ملكيه بالدعوة الى دورة عادية للبرلمان بغرفتيه النواب و الأعيان يُتوج بخطاب العرش الذي يتضمن الثوابت و التوجهات العامة للدولة و كذلك برامج الحكومه للسنة القادمة .
أي بمعنى أن يستمر المجلس الحالي في سده المسؤوليه الى جانب نفس الحكومه.. حتى تتهيأ الظروف و تزول أخطار الكورونا . ليتم لاحقاً و في أي وقت يراه الملك مناسباً ، حل المجلس و رحيل الحكومه. والدعوه الى انتخابات برلمانيه خلال أربعه اشهر من تاريخ الحل كما هو النص الدستوري .
والحقيقة أنني لا أُحبذ كذلك هذا الخيار الذي يبدي الأمور و كأنها بحالة أرتباك و ضعف قدرة الدولة على الأقدام نحو أتخاذ القرار المناسب .
• أما الخيار الثالث و الأخير و الأنسب: والذي اراه اكثر وجاهه وينسجم تماماً مع الدستور ، و يُجنب البلاد خطر تفاقم التمدد و الأنتشار المحتمل لفيروس كوفيد 19بصوره اوسع،فأن ذلك يتلخص بأن يقوم جلاله الملك بالتمديد لمجلس النواب الحالي لمده عام أنسجاماً مع منطوق الدستور الذي يعطي الحق للملك أن يُمدد لمجلس النواب لفترة عامٍ على أن لا تزيد عن العامين . فنتجنب بذلك الفراغ المؤسسي – التشريعي من جهة و يسمح ببقاء الحكومه الحاليه دون الحاجه الى حلها من جهة أُخرى . علماً بأن الحق يبقى لجلاله الملك ان يحل البرلمان لاحقاً و في الوقت الذي يراه مناسباً . فتجري الانتخابات حال أن تتاكد الجهات الصحيه المختصه أن الجائحه قد اصبحت وراء ظهورنا..
وبعد ...
أن الخيار الثالث هذا، من شأنه ضمان سلامه الوطن وحمايه مواطنيه، ويحول دون رحيل الحكومه وتشكيل اخرى وربما تشكيل ثالثه بعد الانتخابات . فليس مناسباً تلك التبديلات الحكومية المتلاحقة و بأزمان قصيرة ، والتي تضعف الانجاز وتبطئ دوران آليات الدوله. خصوصاً و أن لدى الحكومة الحالية و كما يعلن رئيسها مجموعة من التوجهات الأقتصادية و الأجتماعية و الأدارية تحتاج بعض الوقت لأتمامها . فليُمنح الرئيس الحالي هذا الوقت عسى أن يتم ما وعد به .
والله و مصلحة الأردن من وراء القصد