الضفة الغربية، تحت وطأة وباء كورونا، واذا كانت مدينة الخليل الفلسطينية تم إعلانها مدينة منكوبة بسبب الوباء، فإن كل المؤشرات تدل على كارثة سوف تمتد إلى بقية المناطق.
يوم أمس فقط أعلنت الجهات المختصة في الضفة الغربية عن تسجيل 306 إصابات جديدة بفيروس كورونا خلال الأربع والعشرين ساعة الفائتة، بمناطق الضفة الغربية، بينها أكثر من مائتي وسبعين حالة في محافظة الخليل، وحدها، والبقية موزعة على القدس وجنين وطولكرم ونابلس ومدن أخرى، إضافة الى المخيمات في الضفة الغربية.
بهذا يكون عدد الحالات النشطة في كل الضفة الغربية اكثر من 4402 حالة، وسط توقعات بزيادة ظهور الحالات خلال الأيام القليلة المقبلة، فنحن امام كارثة إنسانية وصحية وسياسية.
تتنزل كارثة الوباء على الضفة الغربية التي تم اغلاقها مرارا، وسط أزمات اكبر، ابرزها عدم دفع رواتب الموظفين الفلسطينيين، وتقطيع اوصال الضفة الغربية، وتدمير القطاع الخاص بسبب الاغلاقات الكلية والجزئية على مدى أربعة اشهر، إضافة الى سيناريو إسرائيل بتثبيت احتلال بقية مناطق الضفة الغربية، وليس ضمها كما يقال، كونها أساسا تحت سيطرة الاحتلال، ويراد فقط تثبيت الاحتلال تحت مسمى الضم، بما يشمل مائة وثلاثين مستوطنة، وثلاثين بالمائة من الضفة الغربية التي تعاني من نقص المياه وسيطرة إسرائيل عليها، والبطالة، والفقر، وما سيؤدي اليه قرار تثبيت الاحتلال في الاغوار، من سرقة علنية لسلة الغذاء الفلسطيني، وتجويع الضفة الغربية، وسرقة المياه في الاغوار.
هل تحتمل الضفة الغربية كل هذه الضغوطات معا، على الصعيد الصحي، تحديدا، الذي يتسم بالضعف برغم وجود اكثر من خمسين مستشفى في الضفة وحدها، لكن إمكانات المستشفيات ذاتها ضعيفة، وهي بحاجة الى معدات وادوية، وربما طواقم طبية إضافية، في ظل ظروف صعبة جدا، ليس ادل عليها، من تفشي الوباء بهذه الطريقة الخطيرة التي اذا استمرت ستؤدي الى سقوط كل الضفة الغربية تحت وطأة الوباء.
أنا أدعو صراحة لإطلاق حملة رسمية ونقابية وشعبية هنا في الأردن، لمساعدة اهل الضفة الغربية امام كارثة الوباء، خصوصا، ان قطاع المستشفيات بحاجة الى مساعدة بالمعدات والأدوية، وان يتأسس صندوق اردني شعبي من اجل هذه الغاية تحت عين الجهات الرسمية، بحيث يتم تزويد الضفة الغربية بما هو ممكن من مواد عينية، خصوصا، على صعيد أجهزة التنفس التي قد يتم تأمينها من خارج الأردن، اذا توفرت، إضافة الى أي مستلزمات طبية امام الوضع الناشئ، في ظل انهيار السلطة ماليا، واستسلامها لقصص كثيرة، فلا هي موجودة في الحرب، ولا في السلم، ولا حتى في القطاع الصحي، حيث لوم الشعب الفلسطيني يتزايد امام إجراءات السلطة التي لم تمنع تمدد الوباء، ولا أنقذت الناس اقتصاديا.
إسرائيل بدورها تركز كل الخدمات الصحية على الإسرائيليين، حتى في فلسطين المحتلة العام 1948، وهي تستفيد من الوباء لعرقلة الفلسطينيين في الضفة الغربية، وحجرهم في سجن بيوتهم، بدلا من السجن الكبير، وتدميرهم اقتصاديا، وكأن الوباء هنا، أداة إسرائيلية تلعب دورا سياسيا، أوصل كثرة من الشعب الفلسطيني الى الشك في طريقة إدارة ملف كورونا في الضفة الغربية خصوصا في هذا التوقيت بالذات، الذي يحمل تحديات كبيرة.
الأردن بدوره قرر فتح الحدود مع الضفة الغربية، لغايات ما سمي بالسياحة العلاجية، هذا في الوقت الذي ما يزال فيه عدد من المواطنين الأردنيين يعلقون داخل الضفة بسبب اغلاق الحدود، وكل هذا يقول اننا امام خط بياني مؤهل للتصاعد، خلال الفترة المقبلة، ولا بد من مساعدة الضفة الغربية، بطريقة او أخرى، خصوصا، ان ارهاق هؤلاء بالحجر الكلي والجزئي، له آثار اقتصادية مدمرة، في ظل احتلال يريد انهاك اهل الضفة بكل الوسائل.
لا تتركوا الضفة الغربية وحيدة، مرهقة، لكل هذه الازمات، خصوصا، كلفة الوباء على الصعيد الصحي، وما يعنيه ذلك اقتصاديا وسياسيا، من خدمة للاحتلال.
الغد